منذ إطلاق عملية الرصيف العائم كجزء من جهود الولايات المتحدة لدعم اهالى قطاع غزة في ظل الصراع بين قوات الاحتلال الاسرائيلى وحماس، فإن هذه المبادرة التي كان يُفترض أنها تخفف من معاناة سكان القطاع لم تحقق الأهداف المرجوة، بل أضافت تعقيدات جديدة ، بدلاً من توفير الإمدادات الإنسانية بالكمية والنطاق المطلوبين، واجه الرصيف تحديات أمنية وجوية حدّت من فعاليته، مما أسهم في تفاقم الوضع الإنساني بدلاً من تحسينه.
كشف تقرير صادر عن هيئة رقابية حكومية حديثًا عن إخفاق مشروع الرصيف العائم في غزة، والذي تمت الموافقة عليه من قبل الرئيس الأمريكي جو بايدن ، حيث كان المشروع، الذي كان يهدف إلى تحسين جهود المساعدات الإنسانية، واجه مخاطر امنية ناجمة عن منطقة الحرب النشطة ، وقد أثار هذا المشروع جدلاً واسعًا بسبب تكلفته الباهظة ونتائجه المحدودة.
- تركيز على الرصيف العائم وإهمال الحلول الأخرى..
أعرب مسؤولون من الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID) عن مخاوفهم من أن التركيز على الرصيف العائم قد أدى إلى تهميش الجهود الأكثر فاعلية لإعادة فتح المعابر البرية إلى غزة، التي تعتبر الوسيلة التقليدية والأكثر استدامة لنقل الإمدادات الإنسانية. ومع أن الرصيف العائم كان جزءًا من استراتيجية أوسع لإيصال المساعدات، إلا أن الأزمات الجوية والمشاكل الأمنية المتكررة جعلت تشغيله غير مستدام.
- نتائج محدودة رغم التكلفة العالية..
أشار تقرير المفتش العام للوكالة الأمريكية للتنمية الدولية إلى أن الرصيف العائم، الذي بلغت تكلفته 230 مليون دولار، عمل لمدة 20 يومًا فقط على مدى شهرين، ولم يتمكن من تقديم سوى جزء صغير من المساعدات المطلوبة ، بدلاً من تقديم إمدادات غذائية تكفي لـ500 ألف فلسطيني لمدة ثلاثة أشهر، تمكن الرصيف من تلبية احتياجات 450 ألف شخص لمدة شهر واحد فقط كما جاء فى التقرير ، وأكد نائب قائد القيادة المركزية الأمريكية، نائب الأدميرال براد كوبر، أن الرصيف قدّم 19.4 مليون رطل من المساعدات خلال فترة تشغيله على حد قوله.
- انتقادات لبايدن وتحديات لوجستية..
اعترف الرئيس بايدن بخيبة أمله إزاء نتائج المشروع، مشيرًا إلى أنه كان يأمل في نجاح أكبر ومع ذلك، فإن الظروف الجوية القاسية كانت من بين العوامل الرئيسية التي قللت من فعالية المشروع، حيث أن الأمواج العاتية والرياح الشديدة أجبرت الرصيف على التوقف عن العمل عدة مرات.
- مشكلات في توزيع المساعدات واستمرار المخاطر الأمنية..
لم تقتصر التحديات على الظروف الجوية فقط، بل إن توزيع المساعدات داخل غزة واجه مشكلات كبيرة، بما في ذلك نهب القوافل والهجمات على مستودعات برنامج الأغذية العالمي واحتجاز السائقين ، كما أدت العمليات العسكرية لقوات الاحتلال الإسرائيلية إلى تغيير مسارات توزيع المساعدات بشكل متكرر، مما زاد من صعوبة تنفيذ المشروع.
- انتقادات داخلية وحوادث بين أفراد الجيش الأمريكي..
فيما أصبحت قضية الرصيف العائم محورًا للانتقادات السياسية، تعرض المشروع أيضًا لانتقادات شديدة من قبل أعضاء الكونغرس الجمهوريين الذين وصفوه بأنه “إهدار فادح لأموال دافعي الضرائب”. كما شهدت عملية تشغيل الرصيف إصابات بين أفراد الجيش الأمريكي، مما زاد من تعقيد المشروع وأثار المزيد من التساؤلات حول جدواه.
فشل مشروع الرصيف العائم في غزة في تحقيق الأهداف المرجوة منه، رغم التكلفة الكبيرة والتحديات اللوجستية التي رافقته. ومع استمرار الجدل حول جدواه، يبدو أن الحاجة إلى إعادة تقييم استراتيجيات المساعدات الإنسانية في المناطق المتضررة من النزاعات أصبحت ملحة أكثر من أي وقت مضى.