ولطالما صورت إسرائيل قوتها العسكرية على أنها دولة لا تقهر. وحروبه السابقة مع العرب عززت هذا الاعتقاد. واستمر ذلك منذ نكبة عام 1948 وإعلان قيام دولة الاحتلال. لكن حرب أكتوبر 1973 بددت هذا الاعتقاد، وأكدت أن الجيش الصهيوني قادر على إلحاق هزيمة كبرى، وحقق العرب ذلك على الجبهتين المصرية والسورية.
ومؤخراً عادت إسرائيل إلى عادتها القديمة المتمثلة في استخدام أسلوب الصدمة والإرهاب ضد المدنيين في غزة، ثم قررت أن تفعل الشيء نفسه في لبنان، وهدفها إحداث صدمة نفسية عنيفة للمواطنين العرب والحفاظ على مبدأ : “العجز المكتسب” حتى يتجذّر شعور اليأس لدى المواطن العربي ويعلن إيمانه بالدولة الصهيونية التي لا تقهر.
لقد تطورت نظرية العجز المتعلم خلال الخمسين سنة الماضية، وتم اختبارها من قبل العديد من العلماء والباحثين، وأبرزهم مارتن سليجمان الذي اكتشف ظاهرة العجز المتعلم في تجاربه النفسية عام 1967.
يمكن تعريف العجز المكتسب بأنه حالة ذهنية تضعف قدرة الجهات الفاعلة على تحقيق تأثير يكون لديهم من الناحية العملية الموارد والمهارات اللازمة له بسبب التجارب السلبية السابقة لفقدان السيطرة. ومن أيضاً ميل الإنسان إلى عدم محاولة تغيير وضع سلبي أو غير مرغوب فيه ناتج عن تجارب سابقة علمته مراراً وتكراراً أن الإنسان عاجز تماماً أمام ذلك ويستسلم ولا يحاول أن يفعل ما ينتظره. ، من خلال تبني سلوكيات أو سياسات جديدة، أو تغيير العلاقات والتحالفات، أو تطوير مشاريع جديدة.
إن إسرائيل تعمل بشكل واعي على زرع العجز المكتسب في النفوس والمشاعر والعقول العربية من أجل منع أي احتمال لظهور أفكار المقاومة. مع مرور الوقت، تستوعب الأجيال العجز المكتسب وتمرره نتيجة لآليات تستهدف العجز المكتسب أو تؤدي إليه.
يمكن أن تنتشر فكرة العجز المكتسب من خلال التلقيح الثقافي والمقارنة الاجتماعية في الشبكات الاجتماعية، حيث يمكن للناس أن يكتسبوا العجز ببساطة من خلال مشاهدة أشخاص آخرين يتعرضون لصدمات أو تجارب ساحقة. وقد دفع هذا سليغمان وآخرين إلى القول إنه في العصر الحديث، وفي أعقاب وجود التلفزيون وشبكات التواصل الاجتماعي، أصبح الناس أكثر عرضة للعجز المكتسب بطريقة غير مسبوقة في التاريخ، حيث يختبر الناس تعرض الآخرين للأحداث التي يتعرضون لها. المكشوفون لا يستطيعون الهروب أو لا يستطيعون السيطرة عليه، ويصلون إلى العجز من خلال عيش هذه التجارب السلبية وإعادة إنتاجها في مخيلتهم.
عندما يتعرض الإنسان لتجارب وأحداث خارجة عن ذاته لا يستطيع السيطرة عليها وتمنعه من تحقيق أهدافه، فإنه يصبح عاجزاً ثم يتوقف عن بذل جهد أو محاولة تحقيق أهدافه، حتى لو أتيحت له الفرصة.
اكتشف سليغمان أن بعض أنماط وأساليب التفكير تؤدي إلى العجز المكتسب، حتى بدون التعرض المباشر لأحداث لا يمكن السيطرة عليها. وخلص إلى أن طرق معينة في فهم وتفسير أحداث الحياة السلبية تقود الناس إلى إدراك الأحداث الأخرى في حياتهم على أنها قاهرة ولا يمكن السيطرة عليها، وأن هذا يؤدي إلى… إدراك الإنسان يؤدي إلى استنتاج أن سلوكهم، مهما كان، لا يمكن أن يمنعهم الأحداث السلبية في المستقبل، مما يؤدي إلى تفاقم مشكلة العجز المكتسب لديهم. يصبح هذا التصور عقلية داخلية وأسلوبًا عقليًا. وبناء على ذلك، فإن رد الفعل على الأحداث لا يغير شيئا، والعجز المكتسب يؤدي إلى آثار مدمرة كثيرة. وأهمها الضعف أو عدم القدرة على المبادرة والمقاومة والمثابرة.
وهذا ما تفعله إسرائيل وترسّخه في أذهان العرب، وهذا لن يتغير إلا بالإرادة القوية ورجال قادرين على التغيير يدحضون العجز المكتسب وثقة العرب في قوتهم ويعيدون عزتهم.
قد يهمك أيضاً :-
- حسين لبيب: الزمالك كبير وجمهوره الأعظم بالعالم.. ونتعرض لحملة ممنهجة
- طبيب الزمالك يكشف مفاجأة سارة بشأن إصابة الونش وموعد عودته
- مزايا العودة لقانون البناء الموحد 119 لسنة 2008.. يشجع منظومة العمران
- وكيل سيف الجزيزي يكشف موعد اعتزاله
- جدول تشغيل القطارات على خط «القاهرة – الإسكندرية» تزامنا مع بدء العام الدراسي الجديد