باختصار
صفقة رأس الحكمة الأكبر فى تاريخ الاستثمار المصري، بل وفى منطقة الشرق الأوسط، والتى غيرت وجه المنطقة بأكملها، وسوف تعود بالنفع الكبير على طرفى الاتفاقية مصر والإمارات.
ومنذ الإعلان قبل أيام بعد توقيع الاتفاق رسميًا، بدأت الحروب المضللة على أعلى مستوى وأطلقت الشائعات المغرضة على طريقة أن مصر باعت أرضها، وأن رأس الحكمة أصبحت أرضًا إماراتية لا سلطان لمصر عليها، وغيرها العديد من الفتن والسموم.
بداية فإن الرئيس عبدالفتاح السيسي، أعلنها صراحة خلال احتفال تخريج دفعات جديدة لطلبة الكليات العسكرية منذ أيام، بحضور صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات، أن مصر لم ولن تفرط فى شبر واحد من أراضيها، والجملة التى تحمل الكثير من الدلالات واضحة وقاطعة ولا تقبل التأويل.
صفقة رأس الحكمة جاءت تأكيدًا على قوة العلاقات المصرية الإماراتية المتحدة فى جذور التاريخ، ولا ينسى المصريون الدور التاريخى للوالد المؤسس الشيخ زايد آل نهيان–طيب الله ثراه- فى حرب أكتوبر المجيدة 1973، وقطعه إمدادات النفط بالكامل عن الولايات المتحدة الأمريكية وجميع الدول الداعمة لإسرائيل سياسيًا وعسكريًا ومقولته الشهيرة «الدم العربى أغلى من النفط».
الصفقة التاريخية فى علاقات الدولتين تعد استراتيجية فى المقام الأول، وقد تم الإعلان عنها فى فبراير 2024 على مساحة 44 ألفًا و600 فدان تستغلها الإمارات مقابل 35 مليار دولار، بالإضافة إلى نسبة لمصر من الأرباح طوال استغلال المشروع.
المشروع ليس صفقة اقتصادية، بل هو صفقة سياسية فى المقام الأول هدفها دعم الاقتصاد المصرى فى ظل الأزمات الاقتصادية العالمية المتفاقمة والتى طالت من ضراوتها اقتصاديات الدول الكبرى.
المبالغ المالية المتفق عليها سلمت بالكامل قبل بداية المشروع، ما يؤكد نبل الهدف، كما أنها أثرت بصورة مباشرة فى استقرار السوق المصرى واستقرار سعر الدولار، وجاءت فى توقيت بالغ الخطورة خاصة مع اشتعال بؤر الصراع فى منطقة الشرق الأوسط.
صفقة رأس الحكمة سوف تسهم فى توفير 750 ألف فرص عمل جديدة للمصريين، وسوف يتم إنشاء مطار دولى فى المنطقة، بالإضافة إلى خطوط سكك حديدية، وسوف تستهدف أكثر من 3 ملايين سائح، فضلًا عن إقامة أكبر تجمع للفنادق، ولهذه النهضة سوف تنفذها شركات مصرية بأياد عاملة مصرية، بالإضافة إلى النهضة العمرانية الكبيرة التى بدأت تشهدها المنطقة المحيطة برأس الحكمة منذ الإعلان عن انطلاق المشروع.
الإمارات سوف تضخ 150 مليار دولار استثمارات مرتقبة فى المشروع الذى ينطبق عليه ما ينطبق على أى مستثمر فى العالم أنه يملك أصول ما فوق الأرض، أما أراضى رأس الحكمة فهى مصرية وسوف تبقى ولن تفرط مصر فى شبر من أراضيها.
باختصار.. التحالف المصرى الإماراتى تحالف استراتيجى قوى ممتد تاريخيًا وتحكمه آفاق مستقبلية أكثر إشراقًا، توجت بمشروع رأس الحكمة الذى يعد الانطلاقة الأكبر إلى آفاق أكثر تعاونًا على كافة المستويات وسط منطقة متأزمة تعج بالمخاطر المتصاعدة بما يعود بالكثير من النفع على الدولتين والشعبين الشقيقين، فما أحوجنا إلى هذا التكتل الصلب وسط الشرق الأوسط المتأزم.