يشهد لبنان تصعيداً خطيراً في ظل الهجمات الإسرائيلية الأخيرة، في هذا الحوار يتحدث الخبير العسكري والاستراتيجي نضال أبو زيد، لـ”الوفد” عن تقييمه للوضع الحالي، وآثار الضربات الإسرائيلية، ورد فعل المقاومة، واحتمالات التصعيد، ودور القوى الإقليمية والدولية، ومستقبل العلاقات اللبنانية الإسرائيلية.
وإلى نص الحوار
– كيف تقيم الوضع الحالي في لبنان خاصة مع التصعيد الإسرائيلي الأخير؟
الوضع في لبنان شديد الخطورة، الضربات الإسرائيلية التي استهدفت الضاحية الجنوبية وبعض مناطق بيروت، تهدف إلى تحقيق عنصر الصدمة والترويع لأنصار حزب الله، وحشد الرأي العام ضد الحزب، كما أنها ذهبت بعيدًا باتجاه العاصمة بيروت في محاولة لخلق حالة من تأليب التيارات السياسية المختلفة على حزب الله.
اثرت هذه الضربات على البنية التنظيمية لحزب الله من خلال تهشيم الهيكل التنظيمي للحزب ولكن في مثل هذه النوع من التنظيمات فان الهياكل التنظيمية تكون افقية وليست عمودية وبالتالي هذ النوع من الهياكل التنظيمي يعطي مرونة في إعادة ترميم نفسه واستعادة التوازن وسلسلة القرار، وما يؤكد ذلك الخطوات العسكرية التي يقوم بها حزب الله من اطلاق الصواريخ واستهداف عمق الاراضي المحتلة بالإضافة الى اتباع تكتيك أن القيادة مركزية والتنفيذ لامركزي مما اعطي الحزب مرونة في استعادة التوازن.
لا شك أن الضربات الإسرائيلية ألحقت أضراراً بالبنية التحتية، وأنها تسببت بمعاناة كبيرة للمدنيين.
– كيف تقيم رد فعل المقاومة اللبنانية على الهجمات الإسرائيلية الأخيرة؟
رد فعل المقاومة كان متوقعاً، وقد أظهرت قدرتها في إطلاق الصواريخ واستهداف مواقع إسرائيلية مما يؤكد على قدرة المقاومة على الرد وعلى استمرارها في مواجهة الاحتلال.
– هل تعتقد أن هناك احتمالية لتصعيد أكبر في الصراع بين إسرائيل وحزب الله؟
احتمالية التصعيد قائمة ، نجاح حزب الله في استهداف قاعدة غولاني مساء الاحد يُظهر حساسية إسرائيل لخسائرها البشرية. أي عملية برية إسرائيلية واسعة النطاق في جنوب لبنان قد تؤدي إلى تصعيد كبير ومزيدا من الخسائر ، لكن يبدو أن إسرائيل أدركت فشلها الاستخباراتي في تقييم قدرات حزب الله البرية، رغم أنه ينجح في الجو الا أنه يفشل في البر وفي العرف العسكري الجو لا يمسك أرض ولا يحسم معركة لتبقى المعادلة التي تحسم شكل الصراع هي العملية البرية، مما قد يدفعها نحو مسار دبلوماسي.
– كيف تؤثر التطورات في غزة على الوضع في لبنان؟
التطورات في غزة بلا شك تؤثر على الأوضاع في لبنان. فالثقل العسكري للاحتلال الإسرائيلي توجه نحو الشمال “غزة”، والجهد الجوي اعتبر الشمال أولوية، وفي ظل نجاح المقاومة في غزة في إشغال قوات الفرقة المدرعة 162 الإسرائيلية، فإن ذلك يضع الاحتلال في حالة قتال على أكثر من جبهة، وهذا يتعارض مع عقيدته القتالية التقليدية.
– ما هو الدور الذي تلعبه القوى الإقليمية والدولية في هذا الصراع؟
البيئة الدولية والإقليمية لا تدعم خيار توسيع دائرة الصراع. فواشنطن منشغلة بالانتخابات الرئاسية، وأوروبا لا تريد تحمل أعباء سياسية وعسكرية جديدة خاصة بعد الحرب الروسية في أوكرانيا.
أما إقليميًا، الإقليم غير مهيأ لتحمل صراع جديد يضاف إلى حالة التوتر الأمني في أغلب دول الإقليم. إيران، اللاعب الرئيسي في معادلة الصراع الإقليمي، أرسلت إشارات دبلوماسية بأنها لا تريد الدخول في عمليات عسكرية شاملة حتى من خلال وكلائها في المنطقة. يبقى الوحيد الذي يريد جر المنطقة إلى صراع واسع هو حكومة اليمين المتطرف في إسرائيل، أملًا في تصدير الأزمة الداخلية والخروج من مستنقع غزة. لأن إسرائيل تدرك أنه في حال الدخول في صراع واسع ستجر واشنطن معها في هذا الصراع. وتعتبر حسابات الربح والخسارة في هذا النوع من الصراع لصالح إسرائيل التي تتورط الآن في غزة ولبنان في معارك هجومية غير ناجحة، مما يعني أن المعادلة التي تفرض نفسها في ظل كل الكتلة النارية الضخمة التي يستخدمها الاحتلال هي أن إسرائيل تنجح تكتيكيًا لكنها تخسر استراتيجيًا.”
– ما هي الخطوات التي يمكن أن تتخذها الحكومة اللبنانية لتهدئة الوضع ؟
الحكومة اللبنانية، بقيادة رئيس الوزراء ميقاتي، تسعى إلى الذهاب إلى مسار دبلوماسي ضمن المادة 1701 التي تقضي بانسحاب عناصر حزب الله إلى ما وراء نهر الليطاني. وهذا قد يكون خطوة لإحداث تهدئة في الوضع، إلا أن حزب الله نفسه يرفض الخروج من الوضع القائم بمعادلة صفرية على الاقل امام التيارات السياسية اللبنانية، مما يشكل تحديًا أمام الجهود الحكومية.
– كيف ترى مستقبل العلاقات بين لبنان وإسرائيل في ظل هذه التطورات؟
العلاقات بين لبنان وإسرائيل معقدة وتنقسم إلى قسمين: العلاقات الرسمية التي يقودها رئيس الوزراء اللبناني ميقاتي والتي تسعى إلى مسار دبلوماسي، وعلاقات غير رسمية تتجسد في حزب الله الذي يرفض الخروج من الوضع القائم. وفي ظل هذه التطورات، يبدو أن إسرائيل تدرك أنها في حال الدخول في صراع واسع ستجر واشنطن معها، وهذا لا يصب في مصلحتها.
– هل يمكن أن ينجح المجتمع الدولي فيما فشل فيه في غزة وأن ينجح في الضغط على إسرائيل لوقف الحرب في لبنان؟
هذا يعتمد على مدى جدية المجتمع الدولي في الضغط على إسرائيل، والذي يتطلب ضغطاً دولياً حقيقياً وفاعلاً