بنك التغريدات

مراجعات

لم يكن العدوان الوحشي «الإسرائيلي» على قطاع غزة، بما خلَّفه من مجازر وإبادة جماعية وتجويع وتهجير وقصف، على مدار أكثر من عشرة أشهر، كافيًا لتعاطف بعض المحسوبين على العرب، مع قضية الفلسطينيين العادلة، والمقاومة المشروعة ضد المحتل.
بكل أسف، منذ بدء عملية «طوفان الأقصى»، واستمرار الوحشية «الإسرائيلية»، لم نكن نتوقع ذلك «المناخ المثالي» للاستقطاب، وإشعال النعرات المذهبية، وتأجيج العداوة والبغضاء، وتقديم «خدمة مجانية» لـ«الصهاينة»!
بعد استشهاد «إسماعيل هنية» في قلب العاصمة الإيرانية طهران، لاحظنا دعاية إلكترونية مضلِّلة، من بعض قادة وأنصار وأتباع عموم التيارات السلفية و«الجامية المدخلية»، تستهدف الإساءة للراحل الكبير، وصلت إلى حدِّ اتهامه بالكفر!
هاشتاجات «شامتة» وشائعات خبيثة، غالبيتها مدعومة من أجهزة مخابراتية، تحت عناوين بغيضة، لتوسيع هوَّة الخلاف المذهبي، ودغدغة مشاعر البسطاء، وتصدير أخبار كاذبة، تستهدف تشويه الرجل، والنَيْل من المقاومة، وإحداث فتنة بين السُّنَّة والشيعة!
اللافت أنه في الوقت الذي نحتاج فيه إلى الوحدة والتقارب، نجد من يُشعل حرب الـ«هاشتاجات»، عن طريق «الذباب الإلكتروني» الموجَّه، الذي استغل الفرصة لدعم «الكيان الإسرائيلي»، وبث سموم التفرقة، وإشغالنا بخلاف مذهبي عقيم!
تلك «الهاشتاجات»، التي لم تتوقف، تحت عناوين متطرفة: «الشيعي عدو الإسلام»، و«الشيعة اغتالوا إسماعيل هنية»، و«الشيعي ليس أخي»، و«إيران راعية الإرهاب»، لاقت صدىً واسعًا من بعض «المؤلفة قلوبهم»، الذين «ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم»!
وفي الطرف المقابل قام بعض المُغالين، بتجييش وحشد البسطاء المتعاطفين مع ما يحدث للفلسطينيين من مأساة إنسانية، لم تحدث في التاريخ الحديث والمعاصر، فدشنوا «هاشتاجات» مضادة، تحمل شعارات «السُّنَّة تخلت عن فلسطين»، و«الشيعة فقط يستطيعون التصدي لإسرائيل»!
آلاف الحسابات المجهولة، ومئات الحملات الموجَّهَة والمنظمة، ظهرت جميعها بعد عملية «طوفان الأقصى» مباشرة، وغالبيتها مرتبطة بلجانٍ إلكترونية تابعة لأجهزة استخبارات، خصوصًا أن كل «التويتات» مُعَدَّة سلفًا ويتم نشرها في توقيت واحد!
اللافت أنه على مدار شهور طويلة، لم ينجح العرب في وقف العدوان «الصهيوني»، لكن بعضهم تفوق كثيرًا في إطلاق «الهاشتاجات» و«الحملات الزرقاء»، وتغذية «بنك التغريدات» بأرصدة ضخمة من «التويتات»، و«تمويل» الحسابات الوهمية و«الذباب الإلكتروني»..  وهو ما بدا واضحًا في تشويه المقاومة! 
إذن، استشهاد «إسماعيل هنية»، وقبله «فؤاد شكر»، وباقي سلسلة الجرائم والاغتيالات «الإسرائيلية» التي لم تتوقف، كانت كاشفة لحجم الكراهية والتحريض والإساءة للمقاومة المشروعة ورموزها وأبطالها، والتقليل من التضحيات الكبيرة والدماء الزكية.
أخيرًا.. تبقى «الاصطفافات» الحادَّة، شاهدة على أننا في ظل هذا الشَّتَات والتشرذم، نعيش متاهة التعصب والضَّياع الفكري والعقائدي منذ عقود، لتفريغ أزمات نفسية، أو «تنفيس جهل»، وكَيْل الاتهامات والافتراءات، وبالتالي فإننا أمام معركة خاسرة، عندما يتجرد «ذوو القربى» من آدميتهم وإنسانيتهم.

فصل الخطاب: حكمة: «لا تدع ميولك وإصرارك ينقلبان إلى عِنَادٍ وجهل».

[email protected]