لماذا لا نتعلم تطهير النفس من القرآن مباشرة بدلًا من علوم التصوف؟

أجاب الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء، ومفتي الجمهورية السابق، على سؤال يتردد كثيرًا عند طرح قضية التصوف، وهو: لماذا لا نتعلم آداب السلوك وتطهير النفس من القرآن والسنة مباشرة؟

 لماذا لا نتعلم تطهير النفس من القرآن مباشرة بدلًا من علوم التصوف؟

قال جُمعة، كلام ظاهره فيه الرحمة، وباطنه من قبله العذاب، لأننا ما تعلمنا أركان الصلاة وسننها، ومكروهاتها، بقراءة القرآن والسنة، وإنما تعلمنا ذلك من علم يقال له علم الفقه، صنفه الفقهاء واستنبطوا كل تلك الأحكام من القرآن والسنة، فماذا لو خرج علينا من يقول نتعلم الفقه وأحكام الدين من الكتاب والسنة مباشرة، ولن تجد عالماً واحداً تعلم الفقه من الكتاب والسنة مباشرة.

وتابع جُمعة أن هناك أشياء لم تذكر في القرآن والسنة، ولابد من تعلمها على الشيخ ومشافهته، ولا يصلح فيها الاكتفاء بالكتاب كعلم التجويد، بل والالتزام بالمصطلحات الخاصة به، فيقولون مثلاً، ” المد اللازم ست حركات” فمن الذي جعل ذلك المد لازماً، وما دليل ذلك ومن ألزمه ؟ إنهم علماء هذا الفن.

 

وأضاف جُمعة أن كذلك علم التصوف علم وضعه علماء التصوف من أيام الجنيد – رضي الله عنه – من القرن الرابع إلى يومنا هذا، ولما فسد الزمان وفسدت الأخلاق ؛ فسدت بعض الطرق الصوفية، وتعلقوا بالمظاهر المخالفة لدين الله، فتوهم الناس أن هذا هو التصوف، والله – عز وجل – سيدافع عن التصوف وأهله وسيحميهم بقدرته، قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ}.

 

الطريقة الصوفية الصحيحة ينبغي أن تتصف بها:

 

أولاً: التمسك بالكتاب والسنة، إذ أن الطريقة الصوفية هي منهج الكتاب والسنة، وكل ما خالف الكتاب والسنة فهو ليس من الطريقة، بل إن الطريقة ترفضه وتنهي عنه.

ثانياً: لا تعد الطريقة تعاليم منفصلة عن تعاليم الشريعة بل جوهرها.

وللتصوف ثلاثة مظاهر رئيسية حث عليها القرآن الكريم وهي:

أولاً: الاهتمام بالنفس، ومراقبتها , وتنقيتها من الخبيث، قال تعالى: {وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا * فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا * قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا – وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا}.

ثانياً: كثرة ذكر الله عز و جل، قال سبحانه: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا} . وقال النبي ﷺ ” ولا يزال لسانك رطباً من ذكر الله”

ثالثاً: الزهد في الدنيا، وعدم التعلق بها والرغبة في الآخرة. قال تعالى : {وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَلَلدَّارُ الْآَخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ}.