ماذا بعد تقديم مصر شكوى إلى مجلس الأمن عقب التصريحات الإثيوبية بشأن سد النهضة؟

في تطور جديد لأزمة سد النهضة الإثيوبي، وجهت مصر خطابًا إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، أعربت فيه عن رفضها القاطع للتصريحات الأخيرة التي أدلى بها رئيس الوزراء الإثيوبي بشأن المرحلة الخامسة من ملء السد. وأكدت القاهرة أن هذه التصريحات تعكس استمرارا للسياسات الأحادية التي تتبعها إثيوبيا، والتي تتعارض مع مبادئ القانون الدولي وتنتهك بشكل واضح اتفاق إعلان المبادئ الموقع بين الدول الثلاث في عام 2015.

استكمال بناء الهيكل الخرساني للسد غير مقبول بشكل قاطع

رفض مصر للسياسات الأحادية الإثيوبية

أكدت مصر في خطابها أن التصريحات الإثيوبية الأخيرة حول حجز كميات من مياه النيل الأزرق لهذا العام، بالإضافة إلى استكمال بناء الهيكل الخرساني للسد، غير مقبولة بشكل قاطع. وأوضحت أن هذه التصريحات تشكل خرقًا صارخًا لاتفاق إعلان المبادئ، كما أنها تمثل استمرارًا لنهج إثيوبيا المثير للقلاقل مع جيرانها والذي يهدد استقرار الإقليم بأكمله.

من جانب إثيوبيا وحدها

في ظل تصاعد التوترات حول سد النهضة، يرى الجانب الإثيوبي أنَّه لم يتسبب في أي أضرار لمصر والسودان حتى الآن. فقد التزم بجدول زمني طويل للملء، تجاوزت مدته سبع سنوات، وهو ما يعكس حرصه على تجنب أي تأثيرات سلبية.

لكن إثيوبيا تأخذ في اعتبارها مخاوف السودان، حيث تقوم بإطلاعه بانتظام على تطورات الملء والتخزين، فضلًا عن فتح البوابات. هذا يشمل تجهيز سد “الروصيرص” السوداني، الذي يقع على بُعد 40 كم فقط من سد النهضة، لاستقبال المياه العابرة عبر البوابات أو مفيض الطوارئ. 

وتشير أقلام صحفية وتقارير مطلعة على أنَّ بناء أي سدود جديدة على النيل الأزرق سيكون مرهونًا باتفاق مع دول حوض نهر النيل ودولتي المعبر والمصب، بموجب اتفاقية “عنتيبي”، التي لم توقِّع مصر ولا السودان عليهما؛ لاعتبارات أهمها أنًّ الاتفاقية لا تُقِرُ بما تدعيانه الدولتان من حقوق تاريخية في مياه النيل، بموجب اتفاقيات تم توقيعها خلال الحقبة الاستعمارية السابقة.

شددت مصر على أن إثيوبيا تسعى فقط إلى تمديد المفاوضات دون نهاية واضحة

الانتقادات المصرية للسياسات الإثيوبية

شددت مصر على أن إثيوبيا تسعى فقط إلى تمديد المفاوضات دون نهاية واضحة، من أجل تكريس الأمر الواقع دون أن يكون لديها الإرادة السياسية الحقيقية للوصول إلى حل عادل ومقبول لجميع الأطراف. كما أشارت مصر إلى أن إثيوبيا تحاول إضفاء الشرعية على سياساتها الأحادية المخالفة للقانون الدولي، والتستر خلف ادعاءات لا أساس لها من الصحة.

دعم مصر لتنمية دول حوض النيل

من جانب آخر، ذكرت مصر في خطابها أنها لطالما كانت في طليعة الدول الداعمة للتنمية في دول حوض النيل، وأن التنمية الشاملة لا يمكن أن تتحقق إلا من خلال الالتزام بالممارسات التعاونية. وأكدت القاهرة أن السياسات الإثيوبية غير القانونية ستكون لها آثار سلبية خطيرة على دولتي المصب، مصر والسودان.

مصر تحذر من عواقب السياسات الإثيوبية

في الختام، أكدت مصر أنها ستظل مستعدة لاتخاذ جميع التدابير والخطوات المتاحة بموجب ميثاق الأمم المتحدة للدفاع عن وجودها ومقدرات شعبها ومصالحه. وأعربت عن أملها في أن يقوم المجتمع الدولي بدوره في حفظ الأمن والاستقرار في المنطقة، والضغط على إثيوبيا لاحترام التزاماتها الدولية.

ماذا بعد؟!

بعد تصريحات أبي أحمد، تزايدت التكهنات حول مستقبل سد النهضة وتأثيره على دول حوض النيل. فمع الخطط الإثيوبية لإقامة سدين إضافيين لتخزين 11 مليار متر مكعب من المياه، تأتي دعوات إلى نقل مسار المفاوضات من الإطار السياسي إلى الفني، بما يعكس المصالح المشتركة للدول الثلاث. 

وقد أثارت هذه التصريحات تساؤلات حول فشل جولات المفاوضات السابقة وتكلفة التدابير التي اتخذتها مصر، والتي شملت حفر الآبار وإعادة تشكيل الزراعة لمواجهة تأثيرات السد. إلًّا أنَّ أنَّ فكرة انهيار السد الذي يشكل خطرًا مائيًا كبيرًا، يواجه ما يتقدَّم به الجانب الإثيوبي من نفي لهذه المخاوف بناءً على الدراسات الفنية المدعومة من عدة جهات مانحة.