هموم وطن
منذ أيام قليلة عدت من مدينة مرسى مطروح الساحرة بعد قضاء عدة أيام مع الأسرة بها، ولدى العديد من الاسئلة والاستفسارات التى أردت أن أطرحها على المسئولين بمجرد مغادرة المدينة، التى أصبحت خارج الدائرة وبدأت فى البحث عن الجهات المسئولة عن راحة وأمن المصطافين، فلم أجد أمامى إلا وزارات السياحة والإسكان والتنمية المحلية، لكى أحملهم وضع أمانة محافظة مرسى مطروح فى رقابهم.
وعندما أشير إلى هذه الوزارات بالذات أعى ما أكتب، فمثلا وزارة السياحة صاحبة المولد أو السيزون أو الليلة كما يقولون، انشغلت فى الشهور الماضية بالسياحة الوافدة من داخل مصر وخارجها لمدينة العلمين الجديدة، ولا ننكر عليها هذا الأمر لأن العلمين واجهة مشرفة لمصر، ولكن ما ننكره هو وضع إمكانيات الدولة والوزارات المعنية فى تجميل العلمين فقط والتى تعتبر إحدى مدن المحافظة، وترك باقى محافظة مطروح بلا أى لمسات جديدة تميزها عن زيارتى لها منذ ٥ سنوات تقريبا.
فالقرى المترامية عن يمين ويسار الطريق الرئيسى الممتد من العلمين وحتى مدينة مطروح كما هى، بل ازدادت حالتها سوء واهمالا، أضف إلى ذلك انعدام الخدمات لعشرات القرى المحرومة من مياه الشرب النقية، والصرف الصحى، وفرص العمل والمواصلات، فى الوقت الذى تأتى الاستثمارات العربية لتضع جل إمكانياتها بمنطقة رأس الحكمة، لتصبح الفجوة هائلة بين استثمارات بالمليارات لن يشعر بها أهالى مطروح إلا على المدى البعيد، وأرجو ألا تترك الدولة هذا الامر دون أن تضع خطط الإصلاح والتطوير لكل المحافظة على طريقة (من جاور السعيد يسعد) وحتى ترتاح وتأنس أعين الزائرين.
الذين ينبهرون بأبراج وبنايات العلمين الشاهقة، والمشيدة بأعظم الإمكانيات العالمية والتطوير العقارى فائق الوصف، ثم تقع نفس النظرة من الزائرين على قرى تضم منازل مهلهلة ومبعثرة بلا أى تخطيط أو نظام أو رصف أو أى بنية تحتية تضيق الفوارق بينها وبين مدينة العلمين الجديدة.
ومن خلال زيارتى الخاطفة للمدينة، وزيادة عدد المصطافين بها، وجدت أن نوعية الزوار قد اختلفت واختفى الزائر متوسط الدخل وحل محله المصطافين الذين كانت وجهتهم السابقة قرى الساحل الشمالى الطيب كان أم الشرير، بعد أن هربوا من جحيم الأسعار بها ووجدوا ضالتهم فى هذه المدينة الطيبة البسيطة الساحرة صاحبة المياه الفيروزية، التى لا تقل جمالا وروعة عن شواطئ العلمين و (الساحلين) الطيب والشرير مع الفرق الشاسع فى الإمكانيات، وأهمها أمان الشواطئ وإمكانياتها وخدماتها.
فهل يعقل أن تسلم محافظة مطروح إدارة الشواطئ أو تأجيرها لأفراد لا يوفرون أقل الامكانيات المصطافين كالحمامات الآدمية بعيدا عن الأكشاك الصفيح المثقوبة من كل الجوانب، والتى رأيتها بعينى يديرونها صبية يتتبعون عورات المصطافين داخلها، وهل يعقل أن تخلو بعض هذه الشواطئ من وسائل الإنقاذ البشرية البسيطة حال تعرض البعض للغرق؟
كما أزعجنى أيضا انقطاع المياه المتكرر بالشقق والعقارات التى ارتفعت ايجاراتها دون أن يرتفع معها سقف الخدمة.
ولن استرسل كثيرا عن مناخ مطروح التى غنت له ليلى مراد وهى تقول «بحب اتنين سوا يا هنايا بحبهم.. الميه والهوا».
فالهواء أصبحنا نحصل عليه من داخل الغرف المكيفة فقط، أما الشوارع والمحلات والأسواق لا تختلف عن القاهرة كثيرا بسبب كثافة المبانى و عشوائيتها فى كثير من الأحيان، كما أن أعمدة الشوارع غير مضاءة بالمرة.
باختصار لا يجب أن تخرج مطروح الساحرة خارج الدائرة التى تستحق بجدارة ألا تخرج منها بسبب عراقة ماضيها وسحر شواطئها ونقاء هوائها.