يوم الاثنين الماضي، شهد طريق الجلالة حادثًا مأساويًا أودى بحياة 12 طالبًا وطالبة يدرسون في جامعة الجلالة. الحادث الذي ترك أثرًا عميقًا في نفوس أسر الضحايا، وأظهر كيف يمكن أن تنقلب الأحلام إلى كوابيس في لحظات، من واقع الصور المفجعة للباص الذي كان يحمل الطلاب، وانتشار أخبار الحادث عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
غالبية هؤلاء الطلاب كانوا قادمين من محافظات بعيدة، وليسوا من القاهرة، تركوا منازلهم بحثًا عن التعليم في مؤسسة وصفها الكثيرون بأنها صرح تعليمي فخم، وحلم لكل طالب. لكنهم لم يدركوا أن أحلامهم ستتحطم على صخور الإهمال متعدد الأطراف. وبينما كان يحدوهم الأمل في مستقبل أفضل، انتهى بهم المطاف إلى مأساة.
تعيش الجامعة وطلابها حالة من الحزن والقلق، حيث تجمع طلاب في وقفات احتجاجية تعبيرًا عن استيائهم، مطالبين بتوفير سكن آمن، بسعر مناسب، ووسائل نقل تحت إشراف الجامعة، وخدمات صحية مناسبة. تتعدد شهادات أولياء الأمور. تقول إيناس عبد الرحمن: باصات الشركة التي كانت تتولى نقل الطلاب قديمة وغير آمنة، ولحجمها الذي يستوعب حوالي 50 طالبا، تزداد مخاطر السفر، خاصة على منحدر جبل الجلالة، باتجاه بورتو السخنة (السكن البديل للطلاب).
وضع الطلاب المالي كان أيضًا عبئًا إضافيًا. فقد وصل سعر السكن الجامعي إلى 20 ألف جنيه للسرير الواحد في التيرم، مما دفع الكثيرين للجوء إلى بورتو السخنة، حيث كانت التكاليف أقل. بينما أكدت رغدة خالد أن زيادة المصروفات الدراسية بشكل دوري تسببت في معاناة إضافية للأسر. وتعبيرا عن غضبها الواضح، ترى أن الجامعة تتحمل المسؤولية كاملة عما حدث، وأنه يجب على الجامعة توفير السكن للطلاب، لكن الواقع أن عدد الوحدات المتوفرة غير كافي، تكون الأولوية فيه للطلاب المتفوقين، وبالتالي، أصبحت بورتو السخنة السكن البديل، مما يفاقم الأعباء المالية (الإقامة الخارجية، الانتقالات، المصروفات) على الأسر.
تتحدث لمياء الشناوي عن حادث مؤلم تعرض له ابنها في أحد المعامل، حين أصيب بجرح عميق بسبب نقص الرعاية الصحية في الجامعة. وكشفت عن غياب المستشفى الجامعي الذي يُفترض أن يقدم العون للطلاب في حالات الطوارئ، مما اضطرها لنقل ابنها إلى مستشفى في السويس.
منى صالح، إحدى الأمهات، عبرت عن فرحتها بنجاة ابنها، لكنها شعرت بالحزن على زملائه الذين فقدوا حياتهم. استرجعت لحظات الرعب التي عاشها ابنها في الحادث، وعبَّرت عن قلقها من مستقبل الطلاب في ظل هذه الظروف.
تؤكد والدة إحدى الطالبات من سكان القاهرة أنها اضطرت لحجز سكن في بورتو السخنة لابنتها بعد أن ارتفعت تكاليف باص الجامعة من 10 آلاف جنيه إلى 16 ألف جنيه. تقول الأم: الجامعة تقدم تعليمًا جيدًا، لكنها لم توفر سكنًا مناسبًا أو وسائل نقل آمنة.
من بين الأمهات اللاتي رفعن أصواتهن من أجل توفير سكن آمن، هويدا الخولي، فقد كانت تخشى على ابنها الوحيد، حيث تفكر في إمكانية التحويل إلى جامعة أخرى أهلية، إذا لم تتحرك الجامعة للاستجابة لمطالبهم. وأكدت أن المصروفات أصبحت مرهقة جدًا (96 ألف مصروفات، 20 ألف للسكن خلال التيرم، ومصروفات إدارية.. .)، مما جعل من الصعب تحملها، علما بأنها باعت ميراثها، لتغطية النفقات الدراسية لابنها
يحيى خالد انتقد أيضًا التكاليف المرتفعة، متسائلًا عن مصير الأموال التي تدفعها الأسر، وكيف لم تُخصص لتوفير سكن مناسب أو وسائل نقل آمنة. كانت هذه الأسئلة تُعبر عن القلق العميق الذي يعيشه أولياء الأمور، والبحث عن أجوبة من إدارة الجامعة.
رغم تكرار الحوادث، يؤكد أولياء الأمور أنهم لن يتخلوا عن حقهم في المطالبة بتحسين الظروف. فقد تم الإعلان عن وقفة احتجاجية جديدة لمتابعة مطالبهم. وعلى الرغم من الوعود التي قدمتها إدارة الجامعة بتوفير خدمات صحية ونفسية للطلاب المتأثرين، تبقى تلك الوعود بحاجة إلى تنفيذ فعلي.
في خضم هذه المآسي، تظل قلوب الأسر مليئة بالحزن، لكن الأمل لا يزال موجودًا في تغيير واقع الطلاب وتأمين مستقبلهم. إن معاناتهم تستدعي تحركًا عاجلًا وملموسًا، يضمن لهم الأمان والكرامة في مسيرتهم التعليمية.
وعدت إدارة الجامعة بتلبية مطالب الطلاب وأولياء الأمور، حيث تم تشكيل فريق دعم نفسي وصحي للطلاب المتضررين. لكن يبقى التنفيذ الفعلي هو المقياس الحقيقي لجدية هذه الوعود، لكن مأساة هؤلاء الطلاب وأسرهم تذكير قاسي بأهمية توفير بيئة تعليمية آمنة وموثوقة. يبقى الأمل موجودًا في تحسين الظروف، وتأمين مستقبل الطلاب الذي يظل على المحك.