الانتخابات الأمريكية القادمة ومصالح مصر

فى الخامس من شهر نوفمبر المقبل تبدأ المرحلة الأخيرة لانتخابات الرئاسة الأمريكية، لاختيار رئيس جديد للبلاد يبدأ مهامه رسميًا فى بداية العام 2025.

ويعتبر البعض هذه الانتخابات شديدة التعقيد، والقائمة على نظام الكتل التصويتية لكل ولاية، هى الأكثر تأثيرًا فى العالم، كله، انطلاقًا من الأهمية السياسية والاقتصادية العظمى للدور الذى تلعبه الولايات المتحدة فى مختلف الأنحاء.

ولا شك أن تساؤلًا مهمًا يطرحه البعض عن أى المُرشحين أفضل لنا فى مصر والعالم العربى، لا سيما فى ظل العدوان الإسرائيلى الوحشى البشع ضد الشعب الفلسطينى، وتدمير كل آمال السلام المُمكنة، وفرص التسوية الشاملة لواحد من أعقد الصراعات فى العالم الحديث.

لقد تابعنا على مدى الأشهر الأخيرة، فى ظل سياسة بايدن ممثل الحزب الديمقراطى تصريحات وقرارات وتحركات أمريكية حادة فى دعم إسرائيل، ومساندة قمعها للشعب الفلسطينى، لكننا فى الوقت ذاته اختبرنا إعلان الولايات المتحدة فى عهد دونالد ترامب ممثل الحزب الجمهورى عن نقل سفارتها إلى القدس اعترافًا بها كعاصمة لإسرائيل. 

وبشكل عام فقد عانت القضية الفلسطينية دومًا من الانحياز الأمريكى الصريح لإسرائيل، وما جرى من خلال دعم عسكرى واقتصادى وسياسى متواصل لدولة الاحتلال عبر سبعة عقود. وهذا ما يؤكد أن منظومة القيم الأخلاقية والمبادئ الرفيعة التى تتبناها الولايات المتحدة فى خطابها الدعائى مع العالم لا محل لها بأى حال هُنا، لأن المصلحة أقوى وأبقى من شعارات العدل والحق والحرية. 

والمهم هنا فيما يخص الانتخابات هو أن نكرر ما سبق وطرحناه من قبل من أن الاختلافات بين الحزبين الأمريكيين، الجمهورى، والديمقراطى هى اختلافات فى الشكل أكثر منها فى المضمون، وأنه من الضرورى أن نضع خططًا وتصورات للتعامل مع كليهما.

وأقول مكررًا إن ما يجب أن نعيه جيدًا، ونفكر فيه، ونخطط له، هو أن لمصر دورًا عظيمًا ومحوريًا فى خارطة الشرق الأوسط، وأن هذا الدور يلزمها بمد علاقات قوية ومتينة وقائمة على الفهم المتبادل والمصالح المشتركة مع الإدارة الأمريكية أيًا كان ممثلها فى المرحلة المقبلة.

وعلينا أن نُقدر فى الوقت ذاته أن الرئيس الأمريكى بشخصه، وحتى بحزبه ليس الممثل الوحيد للإدارة الأمريكية، فهناك سلطات للكونجرس، وهناك مسئوليات للبنتاجون، وهناك تأثير قوى لمراكز الأبحاث ووسائل الإعلام، والشركات الكبرى.

إن السلام والاستقرار المنشود لا يُمكن أن يتحقق بمعزل عن مصر، ولا يمكن تسوية صراع قائم، أو وقف نزاع محتدم بعيدًا عنها، فهى المركز، وهى البؤرة، وهى المحور الرئيسى لأى مشروع سلام وتنمية. 

ولقد قلت من قبل إن مصر الدولة والقيادة والشعب لديها رؤاها الخاصة، وسياساتها الواضحة والمعلنة التى تضع مصالح البلاد ومصالح شعبها فى المقدمة. وبالطبع، فإن تلك الروئ لا تتغير بتغير إدارات ما لدول كبرى، ولا تتبدل مع تبدل رؤساء. وليس هناك أدنى شك فى أن مواقف مصر الثابتة والراسخة فى مواجهة الإرهاب، وفى الدفاع عن مصالحها الأمنية والحياتية، وفى إقرار العدل والسلام بالشرق الأوسط.

 

وسلامٌ على الأمة المصرية…