نور
أحيانًا.. فى السياسة، وعلم إدارة الدول، تُضطر لاستخدام «العين الحمرا» لمن لا يُصدق أنك تملك أدوات الدفاع عن نفسك!!
أحيانًا.. عندما تواجه من لا يفهم، لا تملك إلا تغيير سياستك التى تعلن عنها دائمًا بأنك تسعى للتعاون دون احتكاك هنا أو صدام هناك!!
هذه التغيرات، وتلك العين الحمراء، يجب أن تظهر، لمن لا يريد أن يفهم أنك تبحث عن السلام، وتستهدف صناعة مستقبل بلا خلافات، أو صراعات، وأن هدفك المعلن هو نفس هدفك الفعلى والعملى وليس غيره، وهو تنمية بلادك وحماية شعبك وبناء أجيال جديدة قادرة على مواجهة تحديات المستقبل الذى لا مكان فيه لغير العلم والعمل.
هذه المفاهيم التى حاولت مصر توضيحها دائمًا فى كل المناسبات، لا تفهمها إثيوبيا ولا قادتها، الذين يعتقدون أن مياه النيل، هى ملكية خاصة وإحسان منهم وليست مياهًا جارية هبطت من السماء على شكل أمطارٍ فوق جبالٍ شاء رب العالمين أن تكون فى إثيوبيا، وأن تجرى هذه المياه من تضاريس أعلى إلى مصبٍ نهايته بحر يستقبل الماء الهابط فى نهاية مساره.. فلا يد لأرض المنبع فى كونها منبعًا، ولا لوم على أرض المصب لكونها مصبًا.
ولأننا تعلمنا فى الثقافة الشعبية المصرية أن محاولة إقناع الكاره والحاقد والطماع هى مضيعةٌ للوقت، فيجب أن نستلهمُ درسًا شعبيًا مصريًا آخر، وهو أن المُعتدى الذى يستولى على حقك دون أن يحسب حساباته جيدًا، يجب أن تُظهر له العين الحمرا، حتى يرتدع، فإن لم يفعل، فلا مناص من لطمةٍ على وجهه، تمنحه لحظات استفاقة تجعله يعيد حساباته الخاطئة، فإن لم يفعل فلكل حادث حديث…!!
ربما يكون حديثى بسيطًا وهادئًا.. ولكن صوت هدير المياه يخرج منه.. فمياه النيل تمثل للمصريين الحياة ودونها الموت.. يا روح ما بعدك روح!!
هذا الحديث الهادئ يقابله حديث صوته أكثر علوًا قاله الدكتور ضياء الدين القوصى مستشار وزير الرى المصرى السابق فى حديث لـ «بى بى سي» البريطانية، قال فيه إن هناك نية لدى الحكومة الإثيوبية لبناء ثلاثة سدود جديدة على فرع النيل الأزرق فى مناطق «كاردوبي، ميندايا، وبيكوابو» لتخفيف الضغط على جسم سد النهضة وبحيرته، وضمان استمرار تدفق المياه عبر توربينات توليد الكهرباء.. ولذلك يجب أن يكون لدى الحكومة المصرية خلال المرحلة القادمة نوع من «الخشونة» فى التعامل مع الجانب الإثيوبى بشأن سد النهضة.
أهمية إظهار «العين الحمرا» كمرحلة أولى يتضح من كلام الدكتور عباس شراقي، أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية بجامعة القاهرة، فهو يرى أن غلق إثيوبيا لبوابات سد النهضة، بعد فتحها عدة أيام، كان رد فعل على وصول القوات المصرية إلى الصومال، لأنها أغُلقت فى اليوم التالى مباشرة.
وطمأن شراقى فى مداخلة تلفزيونية منذ يومين المواطنين المصريين قائلًا: بعد عشرة أيام على الأكثر سوف يتم فتح بوابات سد النهضة بشكل إجبارى لأن البحيرة على وشك الامتلاء ولا بد للمياه أن تفيض من البوابات، وبالتالى ستمر إلى مصر والسودان.
وزير الخارجية المصرى بدر عبدالعاطى فى خطابه لمجلس الأمن منذ أيام وصف «السياسات الإثيوبية» بأنها «غير قانونية» واتهم إثيوبيا بأن «نهجها مثير للقلاقل مع جيرانها ومهدد لاستقرار الإقليم الذى تطمح أغلب دوله لتعزيز التعاون والتكامل فيما بينها، بدلًا من زرع بذور الفتن والاختلافات بين شعوب تربطها وشائج الأخوة والمصير المشترك».
مياه النيل «خط أحمر»..وإظهار «العين الحمرا» خطوة مُتدرجة ضمن بضع خطوات!!