الفنان الإنسان عاطف بشاى.. السيرة أطول من العمر

«السيرة أطول من العمر»، وصف لحياة الكاتب المبدع عاطف بشاى، الذى رحل عن دنيانا أمس الأول بعد صراع مع المرض، لكنه ترك إرثاً إنسانياً وإبداعياً لن ينسى، جعل للكاتب سيرة عطرة لكل من يتذكره.
الكاتب المبدع الذى أثرى الفن المصرى بالعديد من الأعمال المهمة، وتألق فى الدراما الاجتماعية، كانت حياته الشخصية هى السر الحقيقى لنجاح كتاباته، حيث اندمج فنه بإنسانيته لينصهرا فى تكوين سيرته ومسيرته، القريب من الحياة الشخصية للكاتب الكبير عاطف بشاى، يعرف أنه الأكثر فعالية فى الوسط الفنى على المستوى الإنسانى، فهو دائم السؤال عن أصدقائه، بمجرد علمه بمرور أى زميل بضائقة صحية تراه الأول فى السؤال الباحث عن أطباء، ومتابع مع الأسرة ومشغول بزميله، حيث إن الوسط الفنى كله كان يعتبره جزءاً من عائلته، كان لى الحظ أن أتتبع خطواته الإنسانية مؤخراً قبل دخوله فى مرضه وزاملته فيها، مع الأب بطرس دانيال، مدير المركز الكاثوليكى المصرى لزيارة كل المرضى، والذهاب لهم، تابعته، وهو يطمئن على سعيد صالح وسعيد مرزوق وجورج سيدهم وعزت أبو عوف وغيرهم من الفنانين الذين عانوا المرض قبل رحيلهم، كان جزءا من حياتهم يطمئنهم ويعيش معاناتهم، لذلك بقيت سيرته عطره، وحزن الوسط الفنى عليه كإنسان وفنان أعطى حياته وإبداعه لجمهوره.
«الشخوص هى المصدر الحقيقى لأفكار المؤلف»، بهذا المنطق أمتع الكاتب الكبير عاطف بشاى جمهوره بأعمال مميزة، فهو بعيد عن كتاب السيناريو الذين ينساقون وراء «أى ورق»، لكنه يدخل فى حوار مع شخصيات اعماله، ويتعايش معها ويتابع تطوراتها وبعد ذلك يقرر البدء فى كتابة السيناريو، ولذلك ظلت أعماله دراما حقيقية من العيار الثقيل، وعندما تشاهد له عملاً فنياً، فإن خفة ظله لا تؤثر إطلاقًا على الرسالة التى يبغى أن يوصلها للمشاهد، إنما تعمل على جذبه لها، ليشعر المشاهد بأنه جزءا من العمل.
وكان بشاى قد برع فى كتابة الأعمال الكوميدية التى قدمها عبر مسلسلات وأفلام تلفزيونية، من بينها أفلام «محاكمة على بابا» 1987، «الوزير جاي» 1986، «فوزية البرجوازية» 1985، «قبل الوصول لسن الانتحار» 1987، «يوميات ست عصرية» 1987،إلى أين تأخذنى هذه الطفلة، الملائكة لا تسكن الأرض، اللص، ونسيت أنى امرأة، كما كتب السيناريو والحوار لعدد كبير من المسلسلات التلفزيونية. من بينها «عمارة يعقوبيان» 2007، و«شخلول» 2006، و«السندريللا» 2006، و«الكلام المباح» 2005، و«اللقاء الثاني» 1988، و«ناس وناس» 1989، و«نقل مخ» 1989، حضرة المحترم، السندريلا، عمارة يعقوبيان، شخلول، الكلام المباح، تاجر السعادة، وهج الصيف».
ويظل مسلسل اللقاء الثانى مرحله انتقاليه فى ابداع عاطف بشاى، حيث قدم دراما اجتماعيه بطلها محمود ياسين وبوسى فى حلقات منفصله متصلة، وقدم فى كل حلقة مشكلة اجتماعية مليئة بالرومانسية والكوميدية، وحقق العمل نجاحاً كبيراً وظل حتى الآن يحقق نجاحاً.
وقدم بشاى مسلسل يا رجال العالم اتحدوا، وكان عملاً فانتازياً من طراز رفيع، وأحدث وقت عرضه ردود فعل كبيرة حتى إن النجم حسين فهمى بطل العمل قال إنه طالب بشاى بعمل استبيان للحصول على عضوية جمعية يارجال العالم اتحدوا مشيرا، شعرت وقتها بأن الهزار قلب جد بسبب واقعية العمل، وطالبه الجمهور بأن يقدم أجزاء أخرى من العمل فقدمها بشكل نسائى بطولة إسعاد يونس التى كونت معه نجاحاً كبيراً فى العديد من الأعمال منها فوزية البرجوازية وعمارة يعقوبيان وشخلول وغيرها.
وضع «بشاى» يده على مشاكل المجتمع بجرأة، فهو ناقد وأستاذ رغم قلة إنتاج أعماله الفنية فى السنوات الأخيرة، مثله مثل معظم المؤلفين وكتاب السيناريو والمخرجين والفنانين أصحاب الفن الرصين، والهادف، كتب الكثير من المقالات النقدية فى جريدة الوفد لسنوات طويلة رصد فيها العديد من القضايا الاجتماعية، وكذلك كتب مقالات فى مجلة روز اليوسف، والمصرى اليوم، كما أنه عمل منذ 12 أكتوبر 2018، أستاذاً للسيناريو بالمعهد العالى للسينما.
وقد نعى الكاتب الراحل نقابة المهن السينمائية وعدد كبير من المخرجين، فكتب المخرج هانى لاشين عبر صفحته بـ«فيسبوك»: «أخى الحبيب رفيق المشوار وعشرة العمر وداعاً السينارست الكبير عاطف بشاى».
وكتب المخرج أمير رمسيس: «فقدنا صاحب عدد من أخف الأعمال ظلاً فى السينما المصرية وداعاً عاطف بشاى»، وكتب الناقد أسامة عبد الفتاح: «وداعاً صديق أبى (الأديب عبدالفتاح رزق الذى صاغ درامياً العديد من قصصه وأستاذى وصديقى العزيز عاطف بشاى لن ننساك».