بروتين الفقراء فى خطر.. 15 مليار بيضة فى قبضة السماسرة والتجار

في ظل الأزمات الاقتصادية العالمية المتتالية، أصبح “بروتين الفقراء من البيض ” حلمًا بعيد المنال عن شريحة واسعة من المواطنين.

وباتت العديد من الأسر تعاني من ضغوط مالية تجعل توفير هذا العنصر الغذائي الأساسي أمراً صعباً.

يتجلى الألم في عيون الأمهات وهن يسعين لتقديم غذاء صحي لأبنائهن، لكنهن يواجهن واقعاً قاسياً يتمثل في ارتفاع الأسعار واحتكار السوق.

وواصلت أسعار البيض الارتفاع لتصل إلى حوالي 200 جنيه للطبق 30 بيضة، مما يضع المستهلكين، وخاصة الفقراء، في موقف صعب.

تعاني أسواق البيض من ارتفاع الأسعار نتيجة تحكم السماسرة في السوق، رغم توفير الحكومة للأعلاف ومستلزمات الإنتاج لتخفيف تكلفة الانتاج حاليًا، وبشكل مفاجئ قفز سعر طبق البيض متجاوزا 210 جنيهات فى بعض المناطق، مما يضع ضغوطًا على المستهلكين، ويضع صغار المنتجين فى موقف صعب، و تحكم السماسرة بشكل كبير في بروتين الفقراء، مما يؤدي إلى ارتفاع الأسعار بشكل لا يتناسب مع القدرة الشرائية للمواطنين، على الرغم من إنتاج 14 مليار بيضة سنويًا، وتحقيق اكتفاء ذاتي من بيض المائدة، إلا أن المضاربة والتحكم في توزيع البيض من قبل السماسرة يعقدان الوضع.

وساهم تحالف السماسرة والمصدرين في سوق البيض في تفاقم مشكلة ارتفاع الأسعار التي تؤثر سلبًا على الفقراء الذين يعتمدون على البيض كمصدر رئيسي للبروتين.

ومصر تنتج حوالي 14 مليار بيضة سنويًا، وهو ما يحقق اكتفاءً ذاتيًا، لكن سيطرة السماسرة على السوق والتحكم في الأسعار، إضافة إلى اهتمام المصدرين بتصدير الفائض لتحقيق أرباح أكبر، يؤدي إلى نقص في الكميات المتاحة محليًا وارتفاع الأسعار.

يؤثر هذا التحالف سلبًا على المستهلكين المحليين، خاصة الفقراء، الذين يجدون أنفسهم غير قادرين على تحمل تكاليف شراء البيض.

هذه الأزمة تتفاقم رغم توفير الحكومة مدخلات الانتاج من أعلاف وأمصال بملايين الدولارات لكبار المنتجين، الذين فرضوا هيمنتهم على المنتجين الصغار وأصبحوا غير قادرين على المنافسة مع الكبار والسماسرة الذين يتحكمون في السوق بجمع إنتاجهم وتوجيهة الى حيتان شركات تصدير البيض المبستر والمبرد بالاطنان، وطرح فائض الفرز الى الاسواق بكميات قليلة مما أشعل أسعار البيض فى الأسواق لقلة المعروض فى ظل تزايد الطلب مع بدء موسم المدارس.

وسعت الحكومة لحل تلك الأزمة من خلال الإفراج عن كميات كبيرة من خامات الأعلاف، فبحسب آخر البيانات الرسمية المنشورة من وزارة الزراعة، فإن إجمالي ما تم الإفراج عنه 8.4 مليون طن (ذرة وصويا) بـ4.1 مليار دولار.

وفي محاولة لمواجهة هذه التحديات، كشف مصدر أن الحكومة تدرس توسيع الإنتاج ليصل إلى 24 مليار بيضة بحلول عام 2030.

وهناك أيضًا خطط لتطوير مزارع الدواجن وتحويلها إلى مزارع مغلقة أكثر كفاءة، بالإضافة إلى السعي لتحقيق فائض من الإنتاج، بهدف خفض الأسعار محليًا، وتصدير الفائض للخارج.

كتكوت البياض أغلى من الدولار:

يعيش صغار مربي الدواجن حالة من الاستياء والإحباط بسبب الأسعار المرتفعة لكتاكيت البياض، التي تراوحت بين 100 و150 جنيهاً. هذه الأسعار، التي تفوق سعر الدولار، تمثل ضغوطًا اقتصادية هائلة على صغار المربين، الذين يجدون أنفسهم أمام تحديات كبيرة في ظل ارتفاع تكاليف الإنتاج.

تتجلى صرخة هؤلاء المربين في معاناتهم اليومية لتأمين لقمة العيش، حيث إن تكلفة كتكوت البياض تمثل جزءًا كبيرًا من ميزانية التربية.

ومع زيادة الطلب على البيض، يجد المربون أنفسهم مضطرين لتحمل أعباء مالية إضافية، مما يزيد من صعوبة الاستمرار في عملهم.

وتجسد هذه المعاناة التحديات المستمرة التي تواجه صغار المربين، وتسلط الضوء على الحاجة الملحة لتدخل الجهات المسؤولة لضمان توفير أسعار مناسبة للكتاكيت، وضبط السوق لمنع الاحتكار وتحقيق العدالة.

إن استجابة الحكومة لهذا النداء أمر حيوي لضمان استقرار صناعة الدواجن، وضمان توفر “بروتين الفقراء” لكل الأسر المصرية.

ويشدد خبراء الاقتصاد على أهمية كسر دوائر الاحتكار التي تسيطر على إنتاج الكتاكيت والأعلاف واللقاحات كخطوة أساسية نحو تحقيق الاكتفاء الذاتي الآمن في قطاع الدواجن. إذ إن احتكار هذه السلاسل الإنتاجية يؤثر سلبًا على الأسعار والتوافر، مما يؤدي إلى زيادة العبء على المربين وصغار المنتجين.

وكسر الاحتكار سيساعد على تعزيز التنافسية في السوق، مما سيؤدي إلى خفض الأسعار وتحسين جودة المنتجات المقدمة للمربين والمستهلكين.

ومن خلال دعم صغار المربين وزيادة إمكانية الوصول إلى الكتاكيت والأعلاف بأسعار معقولة، يمكن تحسين مستوى الإنتاج المحلي وتقليل الاعتماد على الاستيراد.

وزيادة الإنتاج المحلي وضمان استدامته، يمكن تحقيق أمن غذائي أفضل للمواطنين، مما يسهم في توفير “بروتين الفقراء” بأسعار معقولة.

ينبغي تحفيز الاستثمارات في قطاع الدواجن لتطوير مرافق الإنتاج وتوفير تقنيات حديثة.

كما يجب على الجهات المعنية دعم الأبحاث والتطوير لإنتاج سلالات محلية عالية الجودة، مما يقلل من الاعتماد على الاستيراد.

يجب تفعيل الرقابة على الأسواق لمنع الاحتكار وتحديد الأسعار بشكل عادل.

تقديم برامج تدريبية للمربين حول كيفية تحسين الإنتاج وتقليل التكاليف.

ويعد كسر دوائر الاحتكار في إنتاج الكتاكيت والأعلاف واللقاحات مفتاحًا لتحقيق الاكتفاء الذاتي الآمن في صناعة الدواجن.

ويتطلب ذلك تضافر الجهود بين الحكومة والقطاع الخاص والمجتمع الأهلى لضمان استدامة هذه الصناعة وتلبية احتياجات المواطنين بشكل فعّال.

في ظل الارتفاع المستمر لأسعار المواد الغذائية، بما في ذلك البيض الذي يُعتبر “بروتين الفقراء”، أطلقت جمعيات محاربة الغلاء حملات لدعوة المواطنين لمقاطعة شراء البيض والمنتجات الأخرى ذات الأسعار المرتفعة.

تأتي هذه الدعوات في سياق جهودهم للضغط على المنتجين والتجار لتخفيض الأسعار واستعادة القدرة الشرائية للمواطنين.

وتشهد صناعة الدواجن تصاعدًا في الاتهامات الموجهة إلى كبار منتجي الدواجن باحتكار أسواق الكتاكيت والأعلاف واللقاحات، مما يفاقم من أزمة “بروتين الفقراء” ويؤثر سلبًا على مربي الدواجن وصغار المزارعين. وتتجلى هذه الاتهامات في عدة جوانب منها:

سيطرة مجموعة قليلة من الشركات الكبرى على معظم الأسواق، مما يمنحها القدرة على تحديد الأسعار بشكل غير عادل. هذه السيطرة تؤدي إلى إضعاف المنافسة وتكبيل صغار المنتجين.

رغم انخفاض أسعار الأعلاف عالميًا، فإن الأسعار المحلية لا تزال مرتفعة بشكل غير مبرر.

وتتزايد المخاوف من وجود تواطؤ بين المنتجين والتجار في تسعير الأعلاف واللقاحات، مما يخلق حالة من الفوضى في السوق ويضعف قدرة صغار المربين على الاستمرار في العمل.