الغاز أهم مدخلات إنتاج الحديد المختزل وليس وقوداً لها
لم تحقق أى صناعة من الصناعات المصرية خلال العشرين عامًا الأخيرة من تاريخ الوطن تقدمًا ونموًا كما حققتها صناعة الصلب المصرية رغم الصعوبات الشديدة التى مرت بها على مدار تاريخها الطويل منذ أن دخلت هذه الصناعة العتيقة مصر فى حقبة الملك فاروق الذى فى عهده شيد مصنع الحديد والصلب بحلوان الضخم والذى كانت به إمكانيات تصنيعية مبهرة تصل إلى حد إنتاج قضبان السكك الحديدية، ثم جاءت مرحلة عبد الناصر الذى كان حريصًا على إحضار الخبراء الأجانب وإيجاد أجيال مدربة من المصريين للعمل فى صناعة الصلب مع الإشارة إلى أن العالم العربى عن بكرة أبيه كان لا يعرف شيئًا عن صناعة الصلب وربما بلدان عريقة كثيرة وكان مصنع “تاتا” فى الهند وشركتا ديماج، وكروب الألمانية فى عهد هتلر النازى هما الأكثر شهرة.
الغاز لمصانع الحديد المختزل شريان حياة
عراقة صناعة الصلب وتاريخها الحافل من التقدم والنمو يجعلها على رأس قائمة الصناعات المصرية الأولى برعاية الدوله المصريه خاصة أنها تجر وراءها طابور طويل للغاية من الصناعات الأخرى والأعمال المتعلقه بها ولذا لا يعقل أن ترتكب حكومة الدكتور مصطفى مدبولى الذى أفلت من الإقالة وكلفته الدوله مجددا بتشكيل الحكومه خطأ جسيما يعد بمثابة الخطيئة وهو تخفيض إمدادات الغاز للمصانع المتكاملة التى تمتلك مصانع إختزالا مباشرا يطلق عليها أثناء عملية التصنيع مرحلة ال “D.R !
فى مصر لا يوجد إلا الثلاثه الكبار فى صناعة الصلب بتشكيلاتها المختلفة لديهم مصانع للإختزال المباشر أو ما يسمى بالحديد المختزل وهم مجموعة العز ، مجموعة السويس ، ومجموعة بشاى وهذه المصانع تتحمل تكاليف باهظه فى تشغيل مصانعها ، وهذه التكاليف تعادل أضعاف التكاليف التى تتحملها مصانع الصهر والدرفله مثل مصانع الجارحى ، والعشرى ، وأركو استيل ، والمدينه المنوره ” قوطه سابقاً ” وغيرهم ، ويكفى أن نذكر أن أفران التسخين فى مصانع الحديد المختزل تستهلك نحو 11 مليون وحده حرارية من الغاز فى إنتاج طن واحد من الحديد بينما يحتاج فرن الصهر فى مصانع الدرفله إلى وحدتين فقط وبهذا يتضح الفارق الرهيب بين التكاليف فى المصانع المتكامله التى تمتلك مصانع للإختزال، ومصانع الدرفله التى تعمل بالكهرباء فى الأساس ، وهذا يدلل على أن الغاز بالنسبة لمصانع الحديد المختزل المتكامله أهم عناصر التكاليف ومدخلات الإنتاج ولا يدخل فى عملية التصنيع بها كوقود ، عكس مصانع الصهر والدرفله التى تعتمد فى إنتاجها على الكهرباء فى المقام الأول، بجانب أن إستهلاكها من الغاز لا يتعدى نسبة 2% من إستهلاكات المصانع المتكاملة من الغاز .
نؤكد على أنه لا توجد دولة فى العالم تقوم بتخفيض إمدادات شركاتها المنتجه للغاز للصناعه – أى صناعه – وما بالك إذا كانت هذه الصناعه ، صناعة الصلب التى تعد من أكثر الصناعات المصريه ومعها صناعة النسيج عراقة وتاريخ ..لايعقل بأى حال من الأحوال ومصر تبحث عن نهضه ونمو وطوق نجاه لإقتصادها الذى يترنح أن تقوم الشركات المنتجه للغاز الطبيعى بتخفيض إمداداتها من الغاز بنسبة 40% لمصانع الصلب المتكاملة المنتجه للحديد المختزل والذى الذى يعد أحد أهم مدخلات إنتاج الحديد كما سبق وأن أشرنا وليس مصدراً للطاقه.
وهذا القرار الخاطىء جملة وتفصيلا سيؤثر سلبا على كميات الإنتاج التى تنتجها المصانع وبالتالى التكاليف والأرباح والتصدير للأسواق الخارجيه خاصة أن صادرات مصر من الصلب خاصة المسطحات واللفائف حققت خلال العام الماضى نحو 2.3 مليار دولار بنسبة نمو 65% وهى أرقام ونسب لم تحققها صناعات أخرى كثيره . كما تمثل صادرات الصلب نحو 6% من جملة الصادرات المصرية التى بلغت العام الماضى نحو 35.6 مليار دولار.
يضاف الى ذلك أن إنتاج المصانع المتكاملة من منتجات الصلب المتنوعه تمثل 70% من إنتاج الصلب فى مصر البالغه نحو 15.7 مليون طن مما يشير إلى الدور الهام والحيوى الذى تلعبه المصانع المتكاملة فى الإنتاج والتصدير وزيادة معدلات النمو، والناتج المحلى الإجمالى للاقتصاد المصرى بوجه عام ، بالإضافة إلى تلبية إحتياجات السوق المحلى بجانب أسواق التصدير .
فصل القول .. تخفيض إمدادت الغاز لمصانع الصلب التى تعتمد بشكل كبير على الحديد المختزل يعد بمثابة الخطيئة وليس الخطأ ولعلكم تقومون بتصحيح خطأكم بدلا من الإستقواء على مصانع تعمل فى ظل ظروف إقتصادية بالغة السوء .