دروس النحاس باشا!

نور

قبل ذكرى زعماء الوفد كنت أُقلب فى أوراقى الخاصة باحثاً عن روائح هذا الزمن الجميل.. وقعت فى يدى رسالة بريدية، أرسلها لى منذ سنوات قليلة، المستشار نبيل زكى عياد أحد أحباء الزعيم الشريف طاهر اليد مصطفى النحاس.. حيث كان معالى المستشار- عبر رسالته- يأخذ بيدى مسانداً لمبادرة توثيق سيرة ومسيرة الزعيم الجليل.. وكان مرفقاً مع الرسالة بحث بعنوان «مواقف مضيئة فى حياة الزعيم» من إعداد المستشار عياد حول حياة النحاس ومواقفه السياسية والوطنية، وتوثيق لعدد من القوانين المهمة التى نجح فى إصدارها وانحاز فيها للموظف والعامل والفلاح.
البحث المختصر عن حياة النحاس يستحق القراءة.. لأنه يضم مجموعة من المعلومات التى تكشف عن اتساق مصطفى النحاس مع مبادئه، فهو ليس مدعياً ولا متناقضاً، ولكنه كان مؤمناً بمبادئ الوفد إيماناً يقينياً، فأصبح هذا الصدق منهاجاً له فى مسيرته البيضاء..تعالوا نقرأ لقطات مختصرة من البحث المهم:
> عند قيام ثورة 1919 كان كل من مصطفى النحاس ومكرم عبيد فى بيت الأمة وتأخر الليل فقال لهما سعد زغلول: امكثوا عندى تلك الليلة. رد مصطفى النحاس إننا تعاهدنا أن نعيش معاً ونموت معاً.
> عندما تم نفى سعد زغلول ومصطفى النحاس ومكرم عبيد و سينوت حنا وعاطف بركات وفتح الله بركات إلى جزيرة سيشل.. مرض مكرم عبيد بالملاريا وقام مصطفى النحاس بالسهر والتمريض عليه.
> قام أحمد حسنين باشا كبير الياوران فى القصر الملكى بالوقيعة بين مكرم عبيد باشا والنحاس باشا عبر ادعاءات على زعيم الأمة لا أساس لها من الصحة انتهت بإصدار مكرم للكتاب الأسود، ورغم ذلك لما توفى مكرم عبيد باشا فى يونيو 1961 حزن عليه مصطفى النحاس باشا وقال إن ضعف بصرى لم يحزننى بقدر وفاة مكرم عبيد.
> حدث أيام 1928 أن إدارة البلديات أعلنت عن وظائف انتهت بنجاح أربعين متسابقاً والمطلوب اختيار السبعة عشر الأوائل من بينهم بالترتيب.. ولسبب غير معروف لم تعلن النتيجة.. فكتب أحد المتسابقين فى الصحف يقول إنه منذ شهر تأخرت النتيجة.. فاستدعى النحاس باشا مدير البلديات فرد وقال له: يا دولة الباشا.. الذين نجحوا فيهم عيب! فقال له النحاس: يعنى دول لم ينجحوا.. إيه العيب؟ فقال مدير البلديات: اتضح أن السبعة عشر الأوائل منهم اثنا عشر قبطياً فاستشاط النحاس غضباً.. وقال له كيف تقول هذا؟ أليسوا مصريين وكيف يقال ذلك فى عهد وزارة الوفد الذى شعاره الهلال والصليب وأمره أن يرسل الكشف وبه السبعة عشر موظفاً وتم تعيينهم.. لأنه لا فرق بين مسلم وقبطى.
> أيضاً ما حدث عام 1928 عقب تشكيل وزارة الوفد فقد كان العرف يجرى بإقامة احتفال سنوى فى موسم الحج بميدان الجيش بالعباسية، حيث يسلم أقدم لواء بالجيش المصرى المحمل إلى أمير الحج وتصادف أن كان أقدم لواء هو «نجيب باشا مليكة» القبطى.. فلم يجد النحاس باشا غضاضة فى تسليمه لأنه لا فرق بين قبطى ومسلم.
> النحاس باشا عندما كان رئيساً للوزراء عام 1950 قام بالاعتذار لضابط شرطة برتبة ملازم لأنه دفعه بيده بعد أن تم اتهامه بالخطأ أنه يحول بينه وبين الشعب (وزارة الوفد الأخيرة).
>> رحم الله زعيم الأمة الشريف نظيف اليد مصطفى النحاس باشا.