دعوة جاهلة لإلغاء عقوبة الإعدام

دعوة جاهلة لإلغاء عقوبة الإعدام

إبراهيم نصر

إبراهيم نصر

أنا مع الدعوة الرئاسية لبناء وعى الإنسان المصرى، وسبق أن كتبت سبعة عشر مقالا عن بناء الوعى، ولكن أى وعى يمكن أن نبنيه إذا شغلنا أنفسنا بتتبع ما يفتريه أدعياء الثقافة، وما يبثه الذين يسمون أنفسهم “تنويريون” من أفكار فى معظمها لا تستند إلى منهج علمى صحيح، ولا إلى منطق سليم، بل يروجون أكاذيب وينشرون أباطيل بهدف تشكيك الشباب والبسطاء من الناس فى ثوابت دينهم، ولا يجرؤون على الخوض فى علم آخر سوى علوم الدين، بزعم أن الدين مباح ومستباح للجميع، وبدعوى أن أى إنسان من حقه أن يفكر ويعرض كل النصوص الدينية على عقله، فلا يرده عن غيه وضلاله حديث صحيح، ولا آية قرآنية محكمة، فبعض هؤلاء يتتبعون ما تشابه من القرآن الكريم ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله؟، والله سبحانه وتعالى يقول فى محكم التنزيل: “هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُوْلُوا الأَلْبَابِ” [7 ـ آل عمران].

فهذا هو حكم الله على هؤلاء المشككين المرجفين بأن فى قلوبهم زيغ أي ـ كما يقول أهل التفسير ـ: ضلال وخروج عن الحق إلى الباطل “فيتبعون ما تشابه منه” أي: إنما يأخذون منه بالمتشابه الذي يمكنهم أن يحرفوه إلى مقاصدهم الفاسدة.

فعلى الذين آمنوا بأن القرآن الكريم كله من عند الله، أن يردوا المتشابه إلى المحكم، ويكونوا بذلك مع الراسخين فى العلم الذين يقولون: “آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا ۗ وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ” إذن أولو الألباب الحقيقيين هم من يعملون بالمحكم من آيات الله، ويؤمنون بالمتشابه الذى يعجزون عن فهم حقيقته بعقولهم، ويسلمون بأن تأويله لا يعلمه إلا الله، مهما اجتهد البعض فى محاولة فهمه وتفسيره.

وإلى الذين غابوا عن الوعى وفقدوا عقولهم ويروجون للمطالبة بإلغاء عقوبة الإعدام، بدعوى الرحمة والإنسانية وحق الإنسان فى الحياة، أقول لهم: احذروا اللعب بالنار والخوض فى محكم الآيات التى لا تحتمل تأويلا، فإن الله تعالى يقول فى محكم التنزيل مقررا تشريع القصاص: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى [178 ـ البقرة:] ثم يقول تعالى في الآية التي بعدها: “وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ” [179 ـ البقرة]، أى يا أصحاب العقول الكاملة ـ واللب هو العقل ـ فهذا خطاب للعقلاء، وليس لضعفاء العقول والسفهاء، فأصحاب العقول الكاملة إذا فكروا في هذا ونظروا واعتبروا عرفوا قدر هذا التشريع، وانظر إلى كثرة الجرائم في تلك البلاد التي تدعي الإنسانية وحقوق الإنسان، فعندما تنطفئ الكهرباء عندهم لمدة نصف ساعة، تظهر أرقام وإحصاءات في الجريمة من قتل واغتصاب وسلب وسرقة ونهب، فقد تحول أولئك الذين هم أمام العالم ربما أهل حضارة، وتقدم وإنسانية إلى قطعان من المجرمين في نصف ساعة لما غاب عنهم الرقيب، بينما أهل الإيمان قبل الكهرباء وبعد الكهرباء وإذا انطفأت الكهرباء، وإذا تعطلت لديهم وسائل الرقابة، فالعبد يراقب ربه تبارك وتعالى، ويخشى عقابه.

أما الذين يتسمون بأسمائنا ويدينون بديننا، ثم هم يفتنون بمن يتكلمون فى دين الله بغير علم، وليسوا على هدى ولا كتاب منير، فنذكرهم بهذه الآية من سورة (يس): “فَلا يَحْزُنكَ قَوْلُهُمْ إِنَّا نَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ”

[email protected]