د. رانيا يحيى مديرًا لأكاديمية الفنون فى روما

تعد الدكتورة رانيا يحيى نموذجًا مشرفًا للمرأة المصرية، التى تجمع بين النجاح المهنى والأكاديمى، فقد أثبتت كفاءتها فى العديد من المجالات ما جعلها تتألق على كافة المستويات، ليقع عليها الاختيار لمنصب مديرة أكاديمية الفنون المصرية فى روما، فاختيارها للمنصب يكمل مشوارا مميزا للعديد من المبدعين المصريين الذين تولوا رئاسة الأكاديمية، وكان أول مدير للأكاديمية المصرية الفنان التشكيلى محمد ناجى، وتولى بعده العديد من المثقفين أبرزهم الوزير الأسبق الفنان فاروق حسنى، ود. صالح غنيم رئيس دار الأوبرا الأسبق ود. سمير غريب مدير دار صندوق التنمية الثقافية، ود. مصطفى عبدالمعطى، ود. جيهان زكى، ليقع الاختيار على د. رانيا يحيى، ما يسلط الضوء على أهمية هذا المنصب ودوره المتوقع فى تعزيز الحضور الثقافى المصرى على الساحة الدولية.

علقت «رانيا» على اختيارها للمنصب قائلة، إن الأكاديمية بروما ستشهد خلال الفترة المقبلة استكمالًا لمسيرة نجاح الأكاديمية فى روما باعتبارها من أهم قطاعات وزارة الثقافة المصرية فى الخارج، وذلك وفق رؤية الدولة المصرية.

وأكدت مديرة أكاديمية الفنون بروما أن أكاديمية الفنون هى بؤرة نور لوزارة الثقافة المصرية فى روما وأوروبا، وستشهد الفترة المقبلة عدة نشاطات مهمة.

وأشارت الدكتورة رانيا يحيى إلى أن لقاءها مع وزير الثقافة الدكتور أحمد فؤاد هنو على خلفية قرار توليها المنصب الجديد، كان مثمرًا ومهمًا، وتقدمت بالشكر لوزير الثقافة على الثقة فى اختيارها للمنصب.

وأكد وزير الثقافة أهمية تطوير منظومة الأداء بالأكاديمية المصرية للفنون بروما، بما يخدم أهداف الدبلوماسية المصرية فى استثمار القوى الناعمة، لتأصيل وصون هويتنا الثقافية، ومد جسور التواصل الفكرى والفنى مع المجتمع الإيطالى، وكذلك فى دعم وتعزيز حوار الثقافات بين مصر ودول أوروبا، وتقديم الأنشطة والفعاليات الثقافية والفنية للجالية المصرية هناك، فضلاً عن رسم صورة مضيئة عن الثقافة والحضارة المصرية، وتفردها بين دول العالم.

رانيا يحيى نموذج مشرف للإنسان الطموح، عزفت وكتبت وأبدعت فى أعمالها فوصلت إلى البلاد العربية ونالت جوائز قيمة وتقدير فنى على المستوى الدولى.

والدكتورة رانيا يحيى، هى عميدة المعهد العالى للنقد الفنى بأكاديمية الفنون، عضو المجلس القومى للمرأة، أستاذة ورئيسة قسم فلسفة الفن وعلومه بالمعهد العالى للنقد الفنى بأكاديمية الفنون، وحصلت على العديد من الدورات أهمها مكافحة الفساد والنزاهة والشفافية من هيئة الرقابة الإدارية، الاستراتيجية والأمن القومى، الأزمات والتفاوض، صناع القرار من أكاديمية ناصر العسكرية العليا، دورة تعميم النوع الاجتماعى فى عمليات حفظ وبناء السلام من مركز القاهرة الإقليمى للتدريب على تسوية المنازعات وحفظ السلام فى إفريقيا، دورة تنمية المهارات الذهنية والتفكير الإبداعى.

وتعتبر أكاديمية الفنون فى روما، واحدة من أهم منارات العلم المصرية فى العالم، وجاءت فكرة إنشاء أكاديمية مصرية للفنون قبل ما يقرب من 83 عامًا، أى عام 1929، على يد الفنان المصرى راغب عياد، الذى كان يدرس الفن آنذاك فى إيطاليا، وشهد عملية ازدهار التمثيل الفنى لكثير من دول العالم عبر «أكاديميات فنية» تكون بمثابة نوافذ تطل على أوروبا من خلال العاصمة الإيطالية روما، التى كان لها السبق فى هذه الفكرة الريادية مع بداية القرن العشرين، فبادر عياد حينئذ، بدافع من حماس الشباب والغيرة على الوطن لمراسلة الحكومة المصرية وتوجيه طلب لخديو مصر بإنشاء أكاديمية مصرية للفنون بروما، بهدف إتاحة فرصة الاحتكاك بالتجربة الفنية الإيطالية العريقة، وإيجاد مكان لائق لإبداع الفنانين المصريين ورعاية مواهبهم، وفى عام 1930 اعتبر قصر «كوللو أوبيو»، الذى يقع بالقرب من «الكولوسيوم»، بمثابة مقر مؤقت للأكاديمية، وعُين الفنان سحاب رفعت ألمظ مسئولا عنها، وكان وقتئذ مبعوثا لدراسة الفنون على نفقة الملك فؤاد الأول. 

وفى إطار العلاقات الثنائية المتوطدة بين مصر وإيطاليا، وازدهار نشاط بعثات الآثار الإيطالية فى أنحاء وادى النيل، قامت السفارة الإيطالية فى مصر بعرض قطعة أرض فى وادى «جوليا» على أطراف حدائق بورجيزى، حيث توجد مبانى معظم الأكاديميات، وذلك لبناء الأكاديمية المصرية، مقابل مساحة أرض تمنح من حكومة صاحب الجلالة ملك مصــر لإيطاليا لإقامة معهد لدراسة الحفريات.

وفى عام 1947 عُين أول مدير رسمى للأكاديمية «الملكية» المصرية للفنون من قبل الحكومة المصرية، وهو الفنان الرائد محمد ناجى، الذى كان يعتلى وقتئذ منصب مدير متحف الفن الحديث، لمتابعة تنفيذ الاتفاقية الثنائية بين البلدين.

وفى عام 1950 عين النحات عبدالقادر رزق مديرًا للأكاديمية، وقد بذل لمدة خمس سنوات مساعى كبيرة لإحياء الاتفاقية الخاصة بتبادل قطعتى الأرض بين مصر وإيطـاليا، وفى عام 1957 استكمل الفنان صلاح كامل مسيرة العمل بالأكاديمية، مستعينًا بالدبلوماسية تارة، وبخبرته الفنية تارة أخرى، بتعضيد مؤسسى من الدكتور ثروت عكاشة الذى عين وزيرًا للإرشاد القومى فى عام 1958، الذى شهد عهده حراكا ثقافيا ملحوظا على المستويين الدولى والمحلى.

دخلت الاتفاقية الثنائية إلى حيز التنفيذ فى عام 1959، حيث تم وضع الرسوم المعمارية لمبنى الأكاديمية، وفى احتفال كبير حضره لفيف من كبار رجال الدولتين أقيم فى عام 1961 تم وضع حجر الأساس للمبنى، وبدأت عملية البناء التى استمرت حتى نهاية عام 1965، ثم انطلقت فعاليات أول موسم ثقافى فى عام 1966 من منبر الأكاديمية الجديد بشارع «أوميرو» بوادى «جوليا» المتاخم لأحد الميادين الصغيرة التى تزدخر بها حدائق «بورجيزى».

وفى عام 2008 قرر وزير الثقافة الأسبق الفنان فاروق حسنى، تطوير مبنى الأكاديمية، بحيث يصبح مؤهلًا ليكون نافذة ثقافية مصرية هامة تطل على قلب أوروبا، إيمانا منه بأهمية دور الأكاديمية فى تفعيل التعاون الثقافى بين مصر والدول الأوروبية، وانطلاقًا من اعتقاده بأهمية الثقافة كوسيلة للتقريب بين الشعوب، وتمت عملية التطوير فى عهد مدير الأكاديمية الأسبق الدكتور أشرف رضا، الذى تلاه المعمارى الدكتور أحمد ميتو.