تدور قصص الحياة حول إنسان وآخر، مخطئ وضحية،مُسيء ومُساء إليه، وبين هذا وذاك نفس تطغى، وأخرى تؤوب بعقل يراجع وضمير يستيقظ، وعين تدمع، ومستقبل يلوح في أُفق، يحكمه الممكن الذي يأتي بحقوق السالفين ويرضي الحاضر وتتطلَّع فيه الأنظار إلى قادم. فقط هذا يحدُث حِين تكون العدالة ناجزة، والكلمة الفصل بيد قضاء شامخ ينظر قضية، بعد طرحها على ساحته الموقَّرة لتكون كلمة فصل، برهانُها تفاصيل ووقائع وشهود إثبات، وختامها حكمت المحكمة..
حديث الإعلام وتريند السوشيال ميديا
تواصلت تطورات قضية لاعب الزمالك أحمد فتوح بشكل مفاجئ، بعد أن أصبح اسم اللاعب يتردد في وسائل الإعلام بشكل كبير إثر حادث مروع أودى بحياة أمين الشرطة السيد أحمد الشوبكي في أغسطس الماضي. بدأت القضية عندما اصطدمت سيارة فتوح وهو يقودها تحت تأثير مخدر الحشيش، مما أدى إلى وفاة الشوبكي. وقد أثارت هذه الواقعة العديد من التساؤلات حول كيفية تعامل القانون مع الحوادث المرتبطة بقيادة المركبات تحت تأثير المخدرات، ودور وسائل الإعلام في تسليط الضوء على مثل هذه القضايا.
الحادث من البداية: القيادة تحت تأثير المخدرات
في يوم الحادث، كان اللاعب أحمد فتوح يقود سيارته بسرعة مفرطة على الطريق الساحلي تحت تأثير مخدر الحشيش، وفقًا للتحقيقات التي أجرتها النيابة العامة. حيث صدم سيارته بحاجز الطريق، مما أدى إلى دهس أمين الشرطة السيد أحمد الشوبكي أثناء عبوره للطريق. وقع الحادث بشكل مأساوي، حيث توفي الشوبكي على الفور نتيجة للدهس. التحقيقات التي أجرتها النيابة كشفت أن سرعة السيارة كانت عالية وأن الحادث وقع بسبب الرعونة في القيادة تحت تأثير المخدر.
الإفراج المؤقت والصلح
بعد القبض على أحمد فتوح، تم حبسه على ذمة التحقيقات، لكن تم الإفراج عنه في منتصف سبتمبر الماضي بعد دفع كفالة مالية بلغت 50 ألف جنيه. ومنذ تلك اللحظة، بدأت محاولات الصلح بين أسرة الضحية وعائلة اللاعب، حيث أبدت أسرة المرحوم رغبتها في التوصل إلى تسوية ودية عبر التنازل عن الدعوى المدنية بعد دفع الدية الشرعية.
وبالفعل، تم تنسيق إجراءات التصالح مع النيابة، مما أسهم في إسقاط تهمة القتل الخطأ عن أحمد فتوح. ووفقًا للتصالح الذي تم بين الطرفين، تم تسوية الأمور بشكل ودّي، إلا أن القضية استمرت أمام القضاء لتحديد المسؤوليات القانونية الأخرى.
مرتضى منصور: كيف كان المستشار ضلعًا في إيضاح الأمور للجماهير؟
في إطار تطورات القضية، كان مرتضى منصور، المحامي والرئيس السابق لنادي الزمالك، يتدخل بشكل علني لإيضاح موقف اللاعب من خلال تصريحاته على وسائل التواصل الاجتماعي. في أحد منشوراته عبر “فيسبوك”، نفى مرتضى منصور صحة الأخبار التي تناولت تقاضي أسرة الضحية لمبلغ 15 مليون جنيه كفدية. وأكد أن هذه الأخبار عارية تمامًا عن الصحة، معتبرًا أن هذه الشائعات تضر بسمعة أسرة المتوفى وتسيء للموقف القانوني للاعب.
وأضاف منصور أن أسرة الضحية اشترطت لتسوية القضية أن يعتذر أحمد سالم، المتحدث باسم نادي الزمالك، عن التصريحات المسيئة التي أدلى بها تجاه المرحوم، مشيرًا إلى تأخر نادي الزمالك في تقديم واجب العزاء. وكان نادي الزمالك قد أعلن عن إرسال وفد من اللاعبين والإداريين إلى أسرة المرحوم لتقديم واجب العزاء بشكل رسمي في منطقة فيلمنج بالإسكندرية.
كلمة القضاء: حكم محكمة جنايات مطروح
وصلت القضية إلى مراحلها الأخيرة عندما انعقدت محكمة جنايات مطروح للنظر في قضية أحمد فتوح. وبعد سلسلة من الجلسات القانونية، قضت المحكمة بحبس اللاعب لمدة سنة مع إيقاف التنفيذ لمدة 3 سنوات، وذلك بتهمة القتل الخطأ والقيادة تحت تأثير المخدرات. كما قررت المحكمة تغريم اللاعب مبلغ 20 ألف جنيه وإلغاء رخصة قيادته.
هذا الحكم يعد بمثابة تذكير قانوني لجميع المواطنين، وخاصة الرياضيين، بأهمية الالتزام بالقوانين المرورية والابتعاد عن قيادة المركبات تحت تأثير المواد المخدرة. ومع إيقاف التنفيذ لمدة 3 سنوات، فإن أي حادث مشابه قد يحدث في المستقبل سيؤدي إلى تنفيذ العقوبة بشكل كامل، مما يضع فتوح أمام تحدٍ كبير للحفاظ على سمعته المهنية.
رغم تصاعد الأحداث القانونية، إلا أن الجانب الإنساني لقضية أحمد فتوح لم يغب عن الأضواء. عبر وسائل التواصل الاجتماعي، قام فتوح بنشر رسالة مؤثرة عبر حسابه على إنستجرام، حيث قدم تعازيه الحارة إلى أسرة الضحية، مؤكدًا أن الكلمات لا يمكن أن تعبر عن حزنه الكبير. كما أشار إلى أن ما حدث هو قضاء الله وقدره، وأنه لا يمكن لأي تصرف أن يعيد الضحية إلى الحياة.
هذه القصة، التي تجمع بين كلمة القانون وروح إنسانيته، تسلط الضوء على أهمية تفعيل القوانين بشكل صارم في حوادث القيادة تحت تأثير المخدرات، وأهمية دور المجتمع في التوعية..
ختامًا.. أحمد فتوح يخرج للنور بدرس ليس له فقط، بل لكلِّ إنسان يريد عظة أو يراد له ردع، مات الفقيد وعليه الرحمة والسلام. أحيانًا تكون الفرصة متاحة من جديد لحياة ماضيها الندم وحاضرها الاعتبار، ومستقبلها ضمير يقود الإنسان.