عام من الحرب.. قراءة مغايرة

ﻟﻮﺟﻪ الله

365 يومًا بالتمام والكمال من العدوان؛ مر عام كامل من الحرب على غزة، ومع نهاية العام بدأت حرب جديدة على لبنان. ربما الفرصة سانحة الآن بعد مرور العام الأول على العدوان لمراجعة وقراءة هادئة لما حدث، وبمعنى أدق قراءة مغايرة.
جميع التحليلات على مدار العام تركزت حول العدوان الإسرائيلى، تداعياته وأهدافه، اليوم التالى للحرب، دوافع الحكومة الإسرائيلية، مخططات ومناورات رئيس الوزراء الإسرائيلى. لكن وبعد مرور العام من العدوان المتواصل تبدو الحاجة ملحة لقراءة من منظور أوسع وأشمل، وتحليلا أعمق يتجاوز الفواعل المنخرطة مباشرة فى الصراع، والمشتبكة مع بعضها البعض عسكريا وميدانيا.
هذه القراءة المغايرة، ترتكز على مراجعة إعادة توصيف وقراءة موقف الولايات المتحدة الأمريكية من خلال رؤية مختلفة. بداية هذا التحليل سؤال مباشر: هل تريد الولايات المتحدة الأمريكية انهاء الصراع حقاً؟ وهل تريد منع تمدده وتحوله لحرب إقليمية شاملة فعلاً؟
الإجابة عن السؤال السابق تطرح سؤالا آخر وهو: هل استمرار الحرب هو ما يحقق أهداف ومصالح الولايات المتحدة الإقليمية وعلى نطاق أوسع الدولية؟ أم العكس صحيح؛ إيقاف الحرب ومنع اتساع رقعة الصراع هو ما يخدم أهداف الولايات المتحدة الأمريكية؟؟
الظاهر من التصريحات وعلى الشاشات هو أن الولايات المتحدة تريد انهاء الحرب وعودة الاستقرار؛ جولات مكوكية لكبار مسئولى الإدارة الأمريكية أنتونى بلينكن وزير الخارجية، ووليام بيرنز مدير وكالة المخابرات الأمريكية لكل العواصم المعنية بالصراع. رعاية رئاسية أمريكية مباشرة لجولات المفاوضات التى تعددت وأفشلت فى اللحظات الأخيرة!
فعليا؛ وفرت الولايات المتحدة الأمريكية الغطاء السياسى، وقدمت كل الدعم العسكرى المباشر وغير المباشر (وهو دعم غير مسبوق منذ أكتوبر 73) لتمضى إسرائيل قدما فى حربها. وهناك توافق أمريكى إسرائيلى على تصفية الفاعلين المسلحين من غير الدول حماس وحزب الله وغيرهم. لكن ليس لتحقيق أهداف إسرائيلية فقط، بل لتحقيق وخدمة المصالح الأمريكية إقليميا ودوليا فى المقام الأول. فكيف ذلك؟!.
القراءة المغايرة لواقع الصراع وتطورات تصعيده، تقول: إن الولايات المتحدة لا تريد انهاء الحرب، بل على العكس من ذلك تماما كلما استمرت الحرب كلما ساعد ذلك فى تحقيق الأهداف الأمريكية وإلا لماذا التراخى فى الضغط على إسرائيل من أجل الحل السياسى وعلى رأس تلك الأهداف ابطاء وتيرة تحول النظام الدولى من نظام القطبية الواحدة المهيمن عليه من قبل الولايات المتحدة، إلى نظام التعددية القطبية. 
ولما كان الشرق الأوسط ساحة التنافس الأبرز والأهم فى عملية التحول، كانت إسرائيل وحربها الذراع الأمريكية الطولى، والطريق لعودة الفاعلية والريادة للدور الأمريكى فى المنطقة واستعادة الردع الإقليمى ومن ثم تأكيد النفوذ العالمى واستمرار الهيمنة الأمريكية، كأبرز مناطق النفوذ الأمريكى منذ الحرب الباردة مع دعم إسرائيل فى مواجهة الدول العربية الحليفة للاتحاد السوفيتى. هى حرب أمريكية فى المقام الأول، وسيد البيت الأبيض القادم هو من سيحسمها.