التوترات السياسية تقود مستقبل صناعة الصلب العربية للمجهول..
وسط توقعات محبطه ورؤية ضبابية لمستقبل الصناعه الغامض بسبب العوامل الجيوسياسية المتغيرة والمتصاعدة فى أحداثها الساخنه إختتمت قمة الدوحه 17 للصلب أعمالها امس والتى أقامها الإتحاد العربى للصلب على مدار يومين بالعاصمة القطرية الدوحه بمشاركة جمع غفير من كبار رجالات الصناعه العرب و فى منطقة الشرق الأوسط، بالإضافة إلى شركات الأبحاث ، وموردى التكنولوجيا والآلات والمعدات ، ووكلاء الشركات ، وكبار التجار وغيرهم من المهتمين بصناعة الصلب .
**
حضور مصرى كبير ..و “عز ” فى المقدمه
تفخر كمصرى وأنت تشاهد الحضور المصرى الكبير من رجال الصناعه المصريبن فى مجال الصلب وهم يشاركون فى قمة الدوحه . كما تشعر بالسعاده كمصرى وانت تسمع المسئولين عن تنظيم المؤتمر ، و أصحاب مصانع الصلب العربية المنافسة لمصر وهم يتناقلون فيما بينهم خبر مشاركة المهندس أحمد عز رئيس مجلس إدارة مجموعة حديد عز بصفته أكبر منتج ومصدر فى المنطقه العربية وشمال إفريقيا، ثم تسمع الصناع العرب يتهامسون فيما بينهم مرة أخرى عن غياب المهندس أحمد عز وإعتذاره المفاجىء عن الحضور رغم انه كان مدرج على أجندة المؤتمر كأول المتحدثين الرئيسين عقب كلمة .وزير الدوله القطرى للطاقه سعد بن شريده الكعبى ، وكان المهندس أحمد عز سيشارك فى جلسه عمل ستديرها مارينا شولجا مديرة فريق الصلب والسبائك الحديدية بمؤسسة فاست ماركتس للأبحاث ، وكان سيشارك فى الجلسه التى سيحضرها احمد عز سلطان الخاطر وكيل وزارة التجارة والصناعه القطرى ، ويواكيم شرودر الرئيس التنفيذى ورئيس مجلس إدارة شركة RC .
.
وكعادة مجموعة عز ، كانت أكبر جناح بمعرض الصلب العربى الذى أقيم على هامش القمه رقم 17 ، كما قامت مجموعة عز للصلب بدعوة جميع الوفود العربية المشاركه فى القمه لحفل غذاء . كما شارك من مصر عدد من صناع مصر الكبار وفى مقدمتهم جمال الجارحى ، والمهندس حسن المراكبى رئيس مجموعة المراكبى للصلب ، وأيمن العشرى رئيس مجموعة العشرى وشارك بجناح فى المعرض المصاحب للقمه ، بالإضافه إلى شخصيات مصرية أخرى ولكنها تعمل مع شركات أجنبيه عربية أو أوروبية مثل المهندس حسن المليجى بحديد الكويت ، ومحمود صلاح بقطر أستيل واسامه صقر مدير مصنع الصهر بالشركه الجزائرية القطرية للصلب .
**
واقع صناعه الصلب العربية ..والمستقبل الغامض
كشفت الجلسات النقاشية المفتوحه والمكثفه التى عقدت خلال أعمال القمة عن أن صناعة الصلب فى الراهن تمر بمنعطف خطير بسبب الأحداث السياسية المتوتره و المتقلبه والمتصاعده فى سخونتها سواء على المستوى الإقليمي أو الدولى ، فهناك الحرب الروسيه الاوكرانيه ، وهناك احداث غزة والسودان وليبيا واليمن وجنوب لبنان ، ناهيك عن الحرب التجارية الدائرة بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين . ويضاف إلى كل ماسبق هناك منافسه تجارية غير العادلة من جانب بعض الدول الصناعية الكبرى والتى تمارس سياسات إغراق بدول منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بمنتجاتها سواء منتجات نصف مصنعه مثل البليت ، أو منتجات نهائية . كل العوامل السابقه السالف ذكرها أدت إلى خلق حاله من الضبابية وعدم وضح الرؤية بشأن مستقبل صناعة الصلب بدليل أن دولة الصين – أكبر منتج ومستهلك فى العالم – إتخذت العديد من الإجراءات التحفيزية لقطاع العقارات والتشييد والبناء بعد حالة التراجع والإنكماش الحاد فى حجم الطلب على منتجات الصلب النهائية ، وكانت دولة الصين سبباً مباشرا فى خلق حاله من الهلع لدى صناع الصلب حول العالم بسبب التراجع الضخم سواء فى المبيعات ، او الأرباح ، وارتفاع أرقام المخزونات ونقص الإمدادات بالخامات .
**
البنك الدولى وتوقعات النمو بالشرق الأوسط
تؤكد تقديرات البنك الدولى أن النمو الإقتصادى فى الشرق الأوسط إرتفع إلى 5.8 % فى عام 202 لكنه إنخفض إلى 0.3 % عام 2023 بسبب تراجع انتاج النفط ، وإضطرابات الشحن والصراعات المستمره فى قطاع غزه .
وتوقع البنك الدولى كما ذكر جورج متى رئيس قطاع التسويق بمجموعة حديد عز ، ورئيس اللجنه الإقتصادية بالاتحاد العربى للصلب ان يتعافى النمو إلى 2.8 % مع نهاية العام الحالي، و4.5 % بحلول عام 2025 مع تخفيف هذه الضغوط مع إستمرار التحديات التى تواجه منطقة الشرق الأوسط مثل النازعات المسلحه .
كما توقع البنك الدولى أن يظل النمو مستقر نسبيا بين الدول المستورده للنفط على المدى المتوسط بدعم من الطلب المحلي القوى ، بينما من المتوقع أن يؤثر إستقرار الهيدرو كربونات على النمو فى الدول المصدره للنفط .
**
19.8 مليون طن إنتاج الصلب عربيا
وتوقع جورج متى رئيس قطاع التسويق بمجموعة عز ، إرتفاع إنتاج الصلب من الخام من 19.6 مليون طن العام السابق إلى 19.8 مليون طن عام 2024 مدفوعا بالنمو الإقتصادى ، واستمرار مشروعات البنية التحتية خصوصا بدولتى السعودية والإمارات .
كما توقع نمو منتجات الصلب النهائية بنسبة 4% لتصل إلى 19.7 مليون طن عام 2024 بفضل النشاط القوى فى قطاع البناء ، والإستثمارات الحكومية فى المشروعات التنموية الكبرى . وأضاف جورج متى قائلا ، أنه على الرغم من التحديات الإقتصادية فى شمال أفريقيا ، فإن دولتى مصر والجزائر تقودان النمو فى المنطقه ، ومن المتوقع أن يرتفع إستهلاك الصلب بنسبة 7% ليصل إلى 17.6 مليون طن من 16.4 مليون طن فى 2023 مدعوما بالتطوير المستمر للبنية التحتية والإستثمارات العامه . ، وفى مصر ، فإنه من المتوقع أن يتعافى إستهلاك الصلب بنسبة 5% العام الحالى بعد إنخفاض نسبته 16% عام 2023 بسبب الضغوط التضخمية وتحديات العمله ، ومن المتوقع أيضا إرتفاع إستهلاك الجزائر بنسبة 7% ليصل إلى 4.1 مليون طن . كما أنه من المتوقع أيضا إنخفاض النمو الإقتصادى بشمال أفريقيا من 3.9 % عام 2023 إلى 3.4 % العام الحالى متأثرا بشكل رئيسى بالتراجع فى مصر والجزائر .وفى منطقة شرق البحر الأبيض المتوسط فإنه من المتوقع أن يرتفع إستهلاك الصلب فبها بنسبة 5% العام الحالي ليصل إلى 8.4 مليون طن بقيادة العراق والأردن واللذان يمثلان معا نحو 80% من حجم إستهلاك الصلب فى المنطقه . وأخيرا نستطيع حصر اهم القضايا والنقاط والرسائل التى خرجت بها من قمة الدوحه للصلب وألخصها فى عدة نقاط وهى :
اولا :
أن مستقبل الصناعه وتوجهات أسعار الخامات بالبورصات العالمية لا يخضع لأى معايير معينه فى الوقت الراهن بسبب التوترات السياسية
ثانيا :
أن هناك ممارسات تجارية غير عادله تتم فى مجال الصلب خاصة سياسات الإغراق ، وتفتقد الصناعه المحلية الى الحماية التى شرعتها منظمة التجاره العالمية ومنحت الحكومات الوطنية الضوء الأخضر لحماية صناعاتها المحلية من أخطار الممارسات الضارة فى التجارة .
ثالثا :
مستقبل صناعة الصلب سيعتمد على التكنولوجيا بالمقام الأول وإن لم تقم مصانع الدرفله بتطوير نفسها ستتعرض لأخطار كبيره .
رابعا :
على مصانع الصلب الكبيره البحث عن بدائل أخرى غير الخرده بعد أن أصبحت المصانع تعانى من نقص الإمدادات من الخرده التى إرتفع ثمنها بشكل باهظ خلال الثلاث سنوات الأخيره. ، ورغم أن الهند ثانى أكبر منتج فى العالم للصلب بعد الصين سيكون فيها كميات كبيره من الخرده ولكنها ستسخدمها لصناعتها المحلية .
خامسا :
على مصانع الصلب المتكامله التى تعانى من إنكماش حجم الطلب وتراجع فى المبيعات توسيع حجم نشاطها مع صناع السيارات ، ومصانع السلع المعمره وغيرها ، وزيادة معدلات التصدير بأسعار وجوده تنافسبة .
سادسا :
قد يتحول بعض منتحى الصلب الكبار فى مصر والمنطقه العربية إلى التوسع فى إستيراد الخامات خاصة الأيرن أور ، أو خام الحديد لعمل مخزونات منه فى ظل الإرتفاع المستمر فى أسعار وهو مايشكل زياده فوق التكلفه .
سابعا :
على الحكومه المصرية دعوة الشركات الكبرى فى قطاع الصلب والتعدين أن يكون لهم مكاتب ووكلاء فى مصر بهدف إنعاش حجم الطلب والمبيعات فى السوق المحلى ، وأسواق التصدير
ثامنا :
لابد من وجود لجنه مشتركه من الشركات المنتجه بالاتحاد العربى للصلب تتولى الدفاع عن الشركات العربية التى تتهم بإرتكاب ممارسات غير عادله بالتجارة الدولية .
تاسعا :
لابد أن تقوم الحكومات العربيه بمنح قطاع العقارات والتشييد والبناء حزمة حوافز حتى يتسنى لقطاع الصلب وكل القطاعات الإنتاجية المصاحبة له الانتعاش والنمو من جديد .
عاشرا :
لا مفر من توفير الطاقه بأسعار عادلة لمصانع الصلب ، وأى زيادات فى أسعارها سيضاعف من الأعباء التى تتحملها الصناعه فى الوقت الذى تشهد فيه الأسواق تراجعا شديدا فى حجم الصلب على كل منتجات الصلب دون إستثناء .