منها الإيمان والصبر، كيفية دخول العبد في معية الله

معية الله، أن الله مع العبد المؤمن؛ ومن كان الله معه، فمعه النصر والقوة والتأييد والسداد، ومن كان الله معه، فقد فاز فوزًا عظيمًا، مصداقا لقوله تعالى في كتابه الكريم “وهو معكم أين ما كنتم”، إن من تمام نعمة الله على عباده المؤمنين والموحدين، أنهم دائما في معيته وحفظه ورعايته فهو معهم في كل مكان.

 

أسباب معية الله لأوليائه وللمؤمنين

1.إن من أسباب حصول معية الله الخاصَّة لأوليائه هي الإيمان به، والتزام فرائضه، والتقرب إليه بنوافله، مصداقا لقوله تعالى: (وَقَالَ اللَّهُ إِنِّي مَعَكُمْ لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلَاةَ وَآتَيْتُمُ الزَّكَاةَ وَآمَنْتُمْ بِرُسُلِي وَعَزَّرْتُمُوهُمْ وَأَقْرَضْتُمُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا)[الْمَائِدَةِ: 12]،

 وفي صحيح البخاري: “‌وَمَا ‌تَقَرَّبَ ‌إِلَيَّ ‌عَبْدِي ‌بِشَيْءٍ ‌أَحَبَّ ‌إِلَيَّ ‌مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ، وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ، فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ: كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ، وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ، وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بها، وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بها، وَإِنْ سَأَلَنِي لأعطينَّه، وَلَئِنِ اسْتَعَاذَنِي لأعيذنَّه”.

 

2. المؤمن يستشعر معية الله -تعالى- له في نومه واستيقاظه وصبحه ومسائه، فإذا أصبح قال: أصبحنا وأصبح الملك لله، وإذا أمسى: أمسينا وأمسى الملك لله، وإذا وضع جنبه للنوم قال: باسمك ربي وضعت جنبي وبك أرفعه، وإذا استيقظ قال: الحمد لله الذي أحيانًا بعدما أماتنا وإليه النشور، فيستشعر معية الله -تعالى- له في عباداته ومعاملاته، وكسبه وإنفاقه، يستشعر معية الله في خلواته وجلواته، بل حتى في مصائره وفَقدِه لأحبابه.

 

3. يعيش المؤمن في معية الله في الشدة والرخاء، وفي السراء والضراء، فدِينه ودنياه ومماته ومحياه كلُّها لله؛ مصداقا لقوله تعالى: (قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ)[الْأَنْعَامِ: 162-163].

 

4.أن الله محيط بعباده بعظمته وعلمه وسمعه وبصره، مصداقا لقوله تعالى  {عَالِمِ الْغَيْبِ لَا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَلَا أَصْغَرُ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرُ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ }  [سبأ: 3]، هذا لكل المخلوقات، لكن هناك معية خاصة للمؤمنين، معية الله لعباده الصالحين؛ فموسى عليه السلام: ﴿ { قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ}  ﴾ [الشعراء: 62]، ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم أجاب أبا بكر بقوله: ﴿ { إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا } ﴾ [التوبة: 40].

أسباب معية الله لأوليائه وللمؤمنين، فيتو

 

معية الله من القرآن الكريم والسنة النبوية

أولا، من القرآن الكريم: قوله تعالى: (وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ)، قال الطبري في تفسير هذه الأية إن الله يخبر عباده أني معكم أينما كنتم ويعلمكم، ويعلم أعمالكم، ومتقلبكم ومثواكم، وهو على عرشه فوق سماواته السبع”.

وقال السعدي: “{وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ} كقوله: {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا} وهذه المعية، معية العلم والاطلاع”.

 

وفي أية أخرى عن المعية قال الله تعالى: {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا}(المجادلة:7). 

 

وقال ابن كثير في تفسير هذه الأية: ” أن قوله “هُوَ رَابِعُهُمْ” يعني  أنه مُشاهدهم بعلمه، وهو على عرشه”. وقال البغوي: “أي: ما مِنْ شيء يناجي به الرجل صاحبيه، إلا هو رابعهم بالعلم. وقيل: معناه ما يكون من متناجين ثلاثة يُسار بعضهم بعضا إلا هو رابعهم بالعلم، يعلم نجواهم”.

وفي أية أخرى  قال الله سبحانه: {إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا}(التوبة:40)

وقال ابن عباس في تفسير هذه الأية: إِنَّ الله مَعَنَا “أي معيننا”. وقال الماوردي: “لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا أي ناصرنا على أعدائنا”. وقال السعدي: “لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا، أي معنا بعونه ونصره وتأييده”.

وفي أية أخرى قال الله تعالى لموسى عليه السلام: {قَالَ كَلَّا فَاذْهَبَا بِآيَاتِنَا إِنَّا مَعَكُمْ مُسْتَمِعُونَ}(الشعراء15).

 

ثانيا: الأدلة على معية الله من الأحاديث النبوية

عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (يقول الله تعالى: أنا عند ظن عبدي بي وأنا معه إذا ذكرني) رواه البخاري. 

قال البيضاوي في “تحفة الأبرار شرح مصابيح السنة”: “وقوله: (وأنا معه إذا ذكرني) أي: بالتوفيق والمعونة”. وقال الطيبي في “الكاشف عن حقائق السنن”: “قوله: (وأنا معه إذا ذكرني) أي: “بالتوفيق والمعونة”.

وقال ابن حجر في “فتح الباري”: “قوله: (وأنا معه إذا ذكرني) أي: بعلمي، وهو كقوله: {إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى}(طه:46)”.

أسباب معية الله لأوليائه وللمؤمنين، فيتو

 

كيفية الوصول إلى معية الله

أولا: الإيمان: فالله سبحانه وتعالى مع أهل الإيمان به وبرسوله وكتابه، وجميع أركان الإيمان، وكل ذلك جاء عن الله ورسوله صلى الله عليه وسلم؛ مصداقا لقوله تعالى:  { وَأَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ }  [الأنفال: 19]، فمن حصل من أسباب الإيمان أكثر، كان نصيبه من معية الله له بالتأييد والنصر أعلى وأوفى، والإيمان يزيد وينقص؛ كما في قوله تعالى: ﴿ { وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَانًا}  ﴾ [المدثر: 31]، فبزيادة إيمانك تكون من الله أقرب، ويكون الله معك. 

 

ثانيا: التقوى: من الأمور التي رتب الله سبحانه وتعالى عليها معيته الخاصة: التقوى، وهي في معناها العام: “امتثال الأوامر واجتناب النواهي، لذلك رفع الله من شأن المتقين؛ مصداقا لقوله تعالى: { وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ} [البقرة: 194].

 

ثالثا: الصبر: للصبر شأن عظيم ومنزلة رفيعة، والعبد محتاج للصبر حاجة شديدة؛ كونه محتاجًا إليه في عمل الطاعة، وترك المعصية، وتحمل الأقدار المؤلمة، مصداقا لقوله تعالى: {فكن ممن صَبَرُوا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ }  [الرعد: 22]؛ لتنال معية الله سبحانه وتعالى بصبرك على طاعة الله، وتحمل المشقة فيها، ومدافعة الشيطان والهوى، والنفس التي تطلب الدعة والراحة. 

 

رابعا: الابتعاد عن المعاصي، والشهوات المحرمة، والعراك مع نفسك؛ مصداقا لقوله تعالى {إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي } [يوسف: 53]، وأن ربنا عز وجل يحثنا على الصبر، ويخبرنا بالمكافأة على ذلك بقوله: ﴿ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ ﴾ [الأنفال: 46]. 

 

خامسا: الإحسان: أخبر الله في كتابه في خواتيم سورة النحل عن معيته لفريقين؛ مصداقا لقوله تعالى: ﴿ { إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ } ﴾ [النحل: 128]، وقد سبق الكلام عن التقوى وأهميتها، وبقي الكلام عن الإحسان، والإحسان فسَّره النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: (( «الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك» ))، ومن خلال ما جاء في الحديث نجد أن هناك ارتباطًا قويًّا بين الإحسان من العبد والمعية من الله.

 

 

معية الله عز وجل لعباده المؤمنين

 ومعية الله تعني حفظه ورعايته لعباده المؤمنين ونجدتهم في أوقات الشدة وإغاثتهم من كل كرب، لذلك يحرص كل مسلم أن يكون في معية الله عز وجل.

 

ووصف المولى -عز وجل- هذه المعية التي خص بها عباده المؤمنين في آيات كثيرة في القرآن الكريم، وذلك مصداقا لقوله تعالى: “هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَىٰ عَلَى الْعَرْشِ يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا  وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ  وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ”. سورة الحديد أية (4).

 

ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوادث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.