“نبيل العربي” أيقونة السلام يودع عالمنا وتخسر مصر دبلوماسيًا محارب

في عالم مليء بالصراعات والأزمات، يظل الأفراد الذين يسعون لتحقيق السلام والتسامح بمثابة منارات تهدي الإنسانية نحو مستقبل أفضل. ومن هؤلاء الأفراد البارزين هو دكتور نبيل العربي، الذي ترك بصمة لا تُنسى في مجال الدبلوماسية والسلام في العالم العربي، وحقق أثراً كبيراً في القضايا السياسية والاجتماعية والقانونية، وكان له دور فعال في تعزيز مفاهيم السلام والتحاور. 

 

رحل دكتور نبيل العربي  عن عالمنا اليوم الاثنين عن عمر يناهز 89 عاما بعد صراع مع المرض، وبوفاته فقدت مصر والعالم العربي أحد أبرز دبلوماسييها، الذي ترك إرثًا مشرفًا من العمل الدبلوماسي والسياسي ، و سيظل اسمه محفورًا في ذاكرة الأجيال كرمز للسلام والتفاوض والدفاع عن القضايا الوطنية.

 

ردود الفعل على وفاته

 

نعى العديد من الشخصيات السياسية والدبلوماسية نبيل العربي، مشيدين بإرثه الكبير في مجال الدبلوماسية والقانون الدولي. وصفته وزارة الخارجية المصرية بأنه “أحد أعمدة الدبلوماسية المصرية ورموزها المضيئة على مر العصور”. 

الأمين العام لجامعة الدول العربية ينعي الدكتور نبيل العريي دبلوماسياً وقانونياً مخلصاً لقضايا أمته العربية 

وقال أحمد أبو الغيط الأمين العام لجامعة الدول العريية، ان نبيل العربي كان له دور كبير في معركة استعادة السيادة علي طابا المصرية عبر التحكيم الدولي. وأوضح أن ايمان الراحل بالقضية الفلسطينية واسهامه في عمل الامم المتحدة ثم قاضياً في محكمة العدل الدولية يدللان علي إرثه العريض في هذا الصدد. 

فيما وصفه السفير محمد مرسي سفير مصر الأسبق في قطر، بأنه مدرسة متميزة في الدبلوماسية والقانون الدولي .

 وعن ذكرياته مع “العربي “، قال السفير المصري محمد مرسي “أذكر أن إسرائيل اضطرت عدة مرات خلال مراحل التفاوض لتغيير رئيس فريق التفاوض الخاص بها، بعد إخفاقهم جميعًا في مواجهة د. نبيل العربي وفريقه الذي ضم صفوة من خيرة رجال مصر في عدة تخصصات”. 

وتابع : ” أن من بين هؤلاء الذين لم يصمدو أمام الراحل د. نبيل العربي وفريقه، السفير ووكيل الخارجية “ديفيد كمحي” الذي كان يعد أحد رجال إسرائيل الأقوياء.

كما أصدر البرلمان العربي بيانًا ينعي فيه نبيل العربي، مشيدًا بإسهاماته الكبيرة في مجال الدبلوماسية والقانون الدولي. وجاء في البيان: “كان نبيل العربي رمزًا للدبلوماسية الحكيمة والعمل الجاد من أجل تحقيق السلام والاستقرار في المنطقة. سيظل إرثه مصدر إلهام للأجيال القادمة.”

محطات من حياته

 نشأ  ” العربي “في عائلة تهتم بالثقافة والسياسة، وتخرج من جامعة القاهرة وحصل على ماجستير في القانون الدولي، ثم على الدكتوراه في العلوم القضائية من مدرسة الحقوق بجامعة نيويورك ، بدأ مسيرته في السلك الدبلوماسي. شغل عدة مناصب رفيعة ، كان له دور كبير في أهم قضايا مصر الدولية، حيث ترأس وفد مصر في التفاوض لإنهاء نزاع مصر مع إسرائيل حول مدينة “طابا” في الفترة (1985 – 1989)، كما كان أيضًا مستشارًا قانونيًّا للوفد المصري أثناء مؤتمر كامب ديفيد للسلام في الشرق الأوسط عام 1978.

لعب العربي دوراً مهماً كأمين عام للجامعة العربية، حيث سعى جاهداً لتعزيز التعاون بين الدول العربية في مواجهة التحديات المشتركة. تولى منصبه في عام 2011، في فترة كانت مليئة بالتوترات السياسية والنزاعات المسلحة في المنطقة، مثل الربيع العربي والصراعات التي شهدتها بعض الدول. 

كان نبيل العربي يؤمن بقوة الحوار كوسيلة لحل النزاعات، وكان يسعى دوماً لأن يكون صوتاً للسلام. في العديد من المحافل الدولية، دعا إلى أهمية العمل المشترك بين الدول وتحقيق المصالحة الوطنية بين الفرقاء، عرف عنه أنه كان مدافعاً عن حقوق الإنسان، وعمل بلا كلل لدعم القضايا العادلة، خاصة القضية الفلسطينية، حيث كانت دائماً تمثل أولوية في عمله. 

على مر السنين، أظهر نبيل العربي قيادة حكيمة واستثنائية، حيث برز كوسيط موثوق في العديد من النزاعات، وأعلن مراراً وتكراراً أهمية السلام في تحقيق الاستقرار والتنمية المستدامة، لقد كان له تأثير عميق على مسارات السياسة العربية والدولية، حيث تمتع بسمعة طيبة على الصعيدين الإقليمي