نذر الحرب الشاملة تدق في المنطقة

– إسرائيل تستعد لضرب أهداف حيوية في إيران.. والمرشد يحذر

– المقاومة عرقلت الغزو البري للجنوب اللبناني.. و”نتنياهو” ينقل سيناريو الإبادة الجماعية إلى لبنان

– سيناريو الخطة الجديدة يتضمن ضربات قوية ضد العراق واليمن وسوريا

من المتوقع أن تشهد الأيام المقبلة تطورات خطيرة كفيلة بتوسعة الحرب وتغيير المعادلة في هذه المنطقة الحيوية من العالم، خاصة أن الحكومة الإسرائيلية أعلنت أنها تستعد حاليًا للرد على الضربة الإيرانية الأخيرة، التي طالت العديد من المنشآت العسكرية داخل الكيان الصهيوني، حيث أعلنت مصادر مقربة أن إسرائيل حددت الأهداف التي تنوي مهاجمتها داخل إيران ومنها منشآت نفطية وقواعد عسكرية ومنشآت مدنية، كما أن ضرب المنشآت النووية الإيرانية مشروط بالمساعدة الأمريكية التي لم تحسم بشكل نهائي بعد.

ويبدو، وفقًا للمعلومات، أن الأمر لن يقتصر على إيران، فهناك حديث عن ضربات ستوجه إلى قواعد عسكرية لأذرع المقاومة في العراق واليمن وسوريا تحديدًا.

إيران من جانبها تهدد برد تدميري ضد إسرائيل، وربما يمتد الرد إلى القواعد الأمريكية في المنطقة وتحديدًا في العراق وبعض دول الخليج الأخرى، وهي كلها أمور تدفع إلى زيادة مساحة الحرائق في المنطقة، مما يهدد باندلاع حرب شاملة لا أحد يعرف إلى أين يمكن أن تنتهي.

عندما نجحت إسرائيل في اغتيال السيد حسن نصر الله في 27 من سبتمبر الماضي، ومعه عدد من قيادات الصف الأول ومن بعده السيد هاشم صفي الدين الذي كان مرشحًا بديلًا يبدو أن ذلك شجع الحكومة الإسرائيلية على رفع سقف أهدافها بما يتجاوز القول بأن هدفها هو إعادة النازحين الإسرائيليين إلى شمال فلسطين المحتلة مجددًا.

لقد بدأت إسرائيل خطتها الجديدة بتوغل قوات إسرائيلية خاصة بهدف فتح الطريق أمام الغزو البري الإسرائيلي المرتقب حيث كانت كافة التقارير تشير إلى توقع حدوث عمليات مقاومة من شأنها أن توقع أعدادًا غير قليلة من الضباط والجنود الإسرائيليين.

وفي أول مواجهة نجحت المقاومة، ممثلة في حزب الله، في قتل 8 ضباط وجنود وإصابة 30 آخرين، ثم توالت عمليات اصطياد الإسرائيليين وتدمير العديد من مركباتهم ودباباتهم، الأمر الذي دفع العديد من المسئولين والمحللين الإسرائيليين إلى القول بأن إسرائيل لا تهدف إلى احتلال الجنوب اللبناني إلى نهر الليطاني كما أشيع قبل ذلك، ولكن فقط تأمين المنطقة القريبة من شمال (إسرائيل). وإن كان المسئولون العسكريون الإسرائيليون لا يخفون أن من ضمن أهدافهم هو تفكيك القدرات العسكرية لحزب الله وتحديدًا في منطقة الجنوب المجاورة.

ويبدو أن غرور الإسرائيليين بعد توجيه الضربات التي أصابت العديد من قدرات حزب الله دفعهم إلى البدء بالغزو البري بهدف الوصول إلى المنطقة التي كانت تحتلها من قبل في أوقات سابقة وتحديدًا حتى عام 2000.

من هنا بدأت إسرائيل في حشد قواتها، واستدعت لواءين احتياطيين بغرض تحقيق الانتصار وفرض سياسة الأمر الواقع، بعد أن ظنت أنها شلت قدرات حزب الله خلال الأيام الماضية.

وقد وجدت الحكومة الإسرائيلية تشجيعا من الإدارة الأمريكية على المضيّ في تحقيق أهدافها، وصرح الرئيس الأمريكي «بايدن» أنه يؤيد العملية البرية الإسرائيلية التي تمنى أن تكون محدودة، ودفع بالمزيد من الجنود والمعدات العسكرية الأمريكية إلى المنطقة محذرًا من تدخل إيراني مباشر في هذه الحرب.

لقد استهدفت إسرائيل من وراء هذه الخطوة إجبار حزب الله على فك عملية الإسناد لقطاع غزة وما يتعرض له من حرب إبادة، ولكن التصريحات الصادرة من حزب الله ومن قادته تحديدًا الشيخ نعيم قاسم أكدت استمرار جبهة الإسناد من الحزب إلى قطاع غزة دون توقف.

ويبدو أن الحسابات الإسرائيلية لم تكن صحيحة تمامًا وأن غرور الانتصار المؤقت بقتل العديد من القيادات وتفجير أجهزة «البيجر» جعل “نتنياهو” يشعر بالورطة الشديدة، فبعد أن راح يتحدث عن شرق أوسط جديد، وأنه بدأ خطوات تحقيق هذا الهدف، راحت لغته تنحصر في ضرورة حماية أمن سكان الشمال وعودتهم، وتحريض دول العالم على مساندة إسرائيل في مواجهة إيران وأذرعها في المنطقة.

ومع تزايد حدة الهجمات التي سددها حزب الله، والتي طالت العديد من المنشآت العسكرية والاقتصادية والإدارية داخل الكيان الصهيوني عن طريق صواريخ «الكاتيوشا» بدأ الكثيرون داخل إسرائيل يتساءلون عن مدى جدوى الاستمرار في خطة احتلال الجنوب اللبناني، خاصة بعد عامل جديد في المعادلة، وهو إطلاق إيران لنحو 250 صاروخًا أصابت العديد من المؤسسات الإسرائيلية منها مؤسسات عسكرية في قلب بعض المدن والمناطق الإسرائيلية في الأول من أكتوبر الماضي.

وأمام حجم الخسائر التي منيت بها القوات الإسرائيلية وما رافقها من هجمات صاروخية تزايدت حدة القصف الإسرائيلي للضاحية الجنوبية في بيروت، والذي وصلت ذروته فجر الجمعة بإطلاق صواريخ وقنابل ومتفجرات تزن حوالي 73 طنًا على مقرات الحزب بعد ورود معلومات عن وجود السيد هاشم صفي الدين المرشح بديلًا للسيد حسن نصر الله وعدد من القادة، كما أن القصف وصل إلى أحد مراكز الإسعاف الخاص لحزب الله في قلب العاصمة بيروت، ناهيك عن الضربات التي تستهدف الجنوب وصور وصيدا والبقاع والعديد من المناطق اللبنانية الأخرى، الأمر الذي أسفر عن نزوح نحو مليون ونصف المليون مواطن لبناني من الضاحية الجنوبية لبيروت ومناطق الجنوب اللبناني.

وحتى الآن لا يستطيع أحد أن يتنبأ بإمكانية إيجاد تسوية سياسية للأوضاع في لبنان توقف الغارات وحروب الإبادة التي تجري حاليًا، ذلك أن إصرار “نتنياهو” على سيناريو إشعال المنطقة لا يزال هو الخيار الأرجح.

إن كافة التوقعات والتحليلات والمعلومات التي تتسرب عن خطة “نتنياهو”، والتي لا تزال مطروحة من شأنها أن تدفع المنطقة إلى أتون حرب واسعة لن تنطفئ نيرانها سريعًا، بل هي مرشحة للتمدد إلى خارج حدود منطقة الشرق الأوسط إذا ما تدخلت أطراف دولية وتورطت في هذه الحرب.