ألقى أحمد أبو الغيط، الأمين العام لجامعة الدول العربية، كلمة أمام مجلس الأمن، خلال مشاركته في جلسة النقاش العام رفيعة المستوى المنعقدة تحت البند الدائم المعنون: “حفظ السلم والأمن الدوليين”، لمناقشة آخر التطوارت والأوضاع في منطقة الشرق الأوسط، وفي مقدمتها أزمة العدوان الإسرائيلي المستمر هلى قطاع غزة، والتصعيد الخطير على جنوب لبنان من قبل قوات الاحتلال.
وأكد أبو الغيط، خلال كلمته على ضرورة أن يقوم مجلس الأمن بمسؤولياته تجاه ما يحدث من إبادة جماعية واعتداء صارخ على كل القيم والقوانين، وأزمة الثقة في النظام الدولي التي بات واضحة وفي حالة تشبة العجز والشلل.
وإلى نص الكلمة:
الدكتور روبرت جولوب، رئيس وزارء جمهورية سلوفينيا معالي السكرتير العام انتونيو جوتيريش
اسمحوا لي أن أبدأ بشكركم على اختياركم الموضوع هذا الاجتماع رفيع المستوى، وعلى الورقة المفاهيمية المتميزة، التي تعكس بوضوح الوعي الكامل بأزمة الثقة الكبيرة التي يعاني منها النظام الدولي متعدد الأطراف في الأمم المتحدة.
لقد انعكست أزمات النظام الدولي، وما شهدته الأعوام الماضية من تصاعد واضح لمنافسات القوى الكبرى، على منطقتنا العربية… فشهدنا حالة تُشبه الشلل والعجز الكامل في التعامل مع نزاعات خطيرة، كانت لها كُلفة إنسانية هائلة، وتبعات تتجاوز المنطقة العربية إلى ما وارءها.
وأقول بصارحة سيدي الرئيس.. إن منطقتنا تقف في مفترق طرق خطير… فإما أن يتوقف هذا التصعيد الإجرامي الذي تمارسه إسارئيل… في قطاع غزة والضفة الغربية.. ومؤخرا في لبنان… وإما ستتسع دائرة النار والدمار… وتخرج الأمور عن السيطرة.
لا أحد في المنطقة العربية يريد حربًا إقليمية… فنحن نعرف جيدًا مخاطر الحرب وتبعاتها المؤلمة على الشعوب… ونعرف أيضًا أن العنف المُفرط وقتل المدنيين وإجبار السكان على مغادرة بيوتهم كما يحدث في لبنان هذه الأيام، وكما حدث في غزة لعامٍ كامل صار فيه جل مواطنيها من النازحين، لمرة ومرتين وخمس مارت… أقول نعرف أن هذا العنف المفرط والعشوائي والإجرامي لن يحل الأزمة ولن يجلب السلام أو يحقق الأمن لإسرائيل، أو لشعوب المنطقة… لا حل للصارع الفلسطيني الإسرائيلي سوى بمعالجة سببه الأصلي، وهو عدم حصول الفلسطينيين على دولة مستقلة تُحقق آمالهم وتطلعاتهم في الاستقلال وتقرير المصير.
الصارع لم يبدأ في 7 أكتوبر، كما تريد إسرائيل أن تقنع العالم… و7 أكتوبر لم يحدث في فارغ كما قال بحق السكرتير العام للمنظمة الأممية التي نقف في رحابها اليوم… وكما عبر بوضوح الأري الاستشاري لمحكمة العدل الدولية الصادر في 19 يوليو الماضي.. الاحتلال هو أصل المشكلة… تفكيك الاحتلال هو بداية الحل.
السيد الرئيس
أمام مجلسكم مهمة تاريخية… المنطقة العربية قد تشتعل لسنوات إن تُرك قادة الاحتلال الإسارئيلي من غير حساب، ومن دون أي ضغط حقيقي يوقف اندفاعاتهم المتهورة لتحقيق مصالحهم السياسية الداخلية على حساب الشعوب.. مصداقية هذا المجلس، وهذه المنظمة الأممية على المحك… وليس هناك حدثٌ في عالمنا يُمثل تهديدًا للأمن والسلم الدوليين أخطر مما نواجهه اليوم في فلسطين ولبنان… وليست جريمة في حق القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني أفدح مما نشهده اليوم في فلسطين ولبنان.
لا بد أن يرتفع صوت هذا المجلس ليس دفاعًا فقط عن الفلسطينيين واللبنانيينالذين يفقدون أرواحهم يوميًا.. من الأطفال والنساء والمدنيين.. ولكن دفاعًا عن كل معنى تمثله هذه المنظمة الأممية وتحتضنه وتصونه، وعن نظام الأمن الجماعي الذي يمثل جوهر وجودها وأساس عملها ورسالتها.
السيد الرئيس
لطالما عملت الجامعة العربية على نحو لصيق مع الأمم المتحدة.. ونرصد اليوم حالة من “القبول اليائس والعاجز” باستمارر الصارعات في منطقتنا… في السودان واليمن ثمة أزمات إنسانية هي الأخطر في العالم، نتيجة لحروب مشتعلة وصارعات ممتدة… وبالكاد تلعب الأمم المتحدة دورها في الشئون الإنسانية، مع تارجع ملحوظ في الإ اردة للقيام بدور حاسم في الوساطة والخروج بالحلول السياسية الضرورية.. إن التبعات الإنسانية الخطيرة لهذه النازعات ليست سوى انعكاس لغياب الحل السياسي وإص ارر الأطارف على المواقف القصوى.. وفي المصلة، تتحمل الشعوب العبء الأكبر وتدفع ثمن استمارر النازعات من دماء أبنائها ومستقبلهم.
أقول إن علينا أن نبُث روحًا جديدة في عمل المبعوثين الأممين لهذه النازعات…
وأن تخرج مبادارت مشتركة فعّالة ومبدعة للوساطة والحلول الدبلوماسية.. بالتعاون مع المنظمة الإقليمية.. الجامعة العربية.. التي تُظهر دائمًا كل استعداد للتعاون والتنسيق والعمل المشترك مع الأمم المتحدة ومبعوثيها.
وختامًا أؤكد أن هذه اللحظة الخطيرة التي تواجهها منطقتنا تستدعي الانتباه.. لأنناقد نُضيع اليوم، دون أن ندري، فرصة أخيرة نادرة لوقف هذا الانزلاق الخطير نحو الكارثة… وهي كارثة لن تقف عند حدود منطقتنا كما تعلمون جميعًا.
شكار سيدي الرئيس.