شهدت الحرب بين روسيا وأوكرانيا تحولات كبيرة في الآونة الأخيرة، حيث بدأت القوات الأوكرانية تنفيذ عمليات عسكرية داخل الأراضي الروسية للمرة الأولى، مما يشير إلى تغيير كبير في مسار الصراع.
يأتي هذا التطور في ظل توترات متزايدة وإجراءات عسكرية معقدة بين البلدين، مما يدفع روسيا إلى اتخاذ قرارات صعبة بشأن كيفية التعامل مع التوغلات الأوكرانية واستعادة السيطرة على أراضيها.
يرى الخبراء أن تصعيد الصراع الروسي الأوكراني يضع روسيا أمام تحديات كبيرة، ويعزز موقف أوكرانيا بدعم دولي متزايد.
روسيا غير مستعدة
قال الدكتور إيفان يواس، مستشار مركز السياسة الخارجية في المعهد القومي للدراسات الاستراتيجية والمحلل السياسي الأوكراني، إن بداية أغسطس شهدت تحولًا كبيرًا في الحرب الشاملة التي تشنها روسيا ضد أوكرانيا، لأول مرة، تمكن الجيش الأوكراني من دخول الأراضي الروسية بعملية عسكرية، في السابق، كانت هناك توغلات أخرى داخل الأراضي الروسية، لكنها كانت تحت راية تشكيلات معارضة للحكومة الروسية ولم تكن تابعة للجيش الأوكراني، كما أنها لم تكن طويلة الأمد.
أضاف«يواس» في تصريحات خاصة لـ «الفجر»، أن ما يحدث الآن يختلف تمامًا؛ فقد دخل الجيش الأوكراني الأراضي الروسية وبقي هناك لمدة تصل إلى ثلاثة أسابيع، مما يدل على أن هذه العملية ليست مجرد عملية قصيرة الأمد، بالإضافة إلى ذلك، قامت أوكرانيا بعمليات حفر في منطقة كورسك الروسية ودمرت الجسور والمعابر، كما قامت بتطويق ما تبقى من قوات الجيش الروسي في الجنوب.
تابع حديثه قائلًا:” تعتمد التطورات المستقبلية على عدة عوامل، من بينها رغبة روسيا في إخراج أوكرانيا من أراضيها، وتبدو أوكرانيا الآن تسعى لتوجيه القوات الروسية إلى منطقة كورسك التي تتقدم منها باتجاه بوكروفسك واتجاهات أخرى داخل أوكرانيا وبهذا، تواجه روسيا خيارًا صعبًا بين الاستمرار في عملياتها العسكرية على الأراضي الأوكرانية أو السعي لاستعادة أراضيها في كورسك”
أشار مستشار مركز السياسة الخارجية في المعهد القومي للدراسات الاستراتيجية والمحلل السياسي الأوكراني، إلى أن الوقت الحالي، يبدو أن روسيا غير مستعدة لسحب قواتها من أوكرانيا لاستعادة منطقة كورسك، وبالتالي، من المتوقع أن يشهد النصف الأول من سبتمبر عمليات متزامنة، حيث يواصل الجيش الروسي تقدمه في أوكرانيا، بينما يستمر الجيش الأوكراني في التوغل داخل الأراضي الروسية. ومن المتوقع أيضًا أن تجري أوكرانيا مفاوضات مع شركائها الدوليين للسماح باستخدام أسلحتهم على الأراضي الروسية، مما قد يؤثر بشكل كبير على ديناميات تقدمها.
لن تسمح روسيا
من جانبه آخر، يري المتخصص في الشأن الدولي هاني الجمل، أن هناك عدة طرق يمكن لروسيا من خلالها استعادة أراضيها، سواء عبر التحركات الداخلية أو الخارجية. فعلى الصعيد الداخلي، قامت روسيا بتحريك عدد من الكتل العسكرية من شرق أوكرانيا إلى مناطق مثل كورسك وأماكن أخرى دخلتها القوات الأوكرانية، والتي امتدت سيطرتها إلى عشرات الكيلومترات، مما أدى إلى تهديد العديد من السكان.
أضاف « الجمل» في تصريحات خاصة لـ « الفجر»، أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بزيارة إلى الشيشان، في محاولة لتجنيد بعض المقاتلين الشيشانيين، سواء من المدرسة القتالية التي أُسست في بداية الحرب الروسية الأوكرانية عام 2022، أو من خلال المرتزقة الذين قد تقدمهم الشيشان لدعم القوات الروسية، مؤكدًا أن هذه التحركات مهمة للغاية في محاولات روسيا لتطويق القوات الأوكرانية واستعادة ميزان القوى لصالحها.
واختتم المتخصص في الشأن الدولي، أن هناك اتهامات واضحة بأن الهجوم الأوكراني تم بدعم من حلف الناتو، مما يعزز القدرات الدفاعية لأوكرانيا ويحرج النظام الروسي من خلال اختراق أراضيه، وهو أمر لن تتسامح معه روسيا على الرغم من الإنهاك الذي تعرضت له خلال العامين ونصف الماضيين.