في ظل الأوضاع الاقتصادية الراهنة التي تواجهها العديد من الدول، تأتي خطوة الحكومة المصرية لتحويل الدعم المقدم للسلع التموينية إلى دعم نقدي كخطوة استراتيجية هامة،هذا القرار الذي من المتوقع أن يبدأ تطبيقه في يوليو 2025، يعد جزءًا من الحوار الوطني الجاري، مشيرًا إلى اهتمام الحكومة بترشيد النفقات المالية وتوجيه الدعم إلى الفئات الأكثر احتياجًا،يهدف هذا البحث إلى استكشاف جوانب هذا التحول وتأثيراته المحتملة على الاقتصاد المصري ومكانة الفئات الاجتماعية.
خطوات التحول إلى الدعم النقدي
يعتبر التحول للدعم النقدي أحد التوصيات الرئيسية التي تهدف إلى استهداف الفئات الأكثر احتياجًا بصورة دقيقة،يشير الخبراء إلى أن هذا التحول سيساعد الحكومة في تقليل أعباء الميزانية، حيث تكلفت الميزانية الحالية للدعم التمويني حوالي 130 مليار جنيه، مما يمثل نحو 3.5% من المصروفات العامة،من خلال هذا النظام، سيتمكن المواطنون من الحصول على دعم نقدي مباشرة، ما يسهل عليهم شراء السلع الأساسية وفق احتياجاتهم الشخصية.
العجز المالي وتأثير الدعم النقدي
من المتوقع أن يسهم التحول إلى الدعم النقدي في تقليل العجز المالي الذي يقدر بنحو 1.2 تريليون جنيه في السنة المالية 2025-2025،في الوقت نفسه، يشكل دعم السلع نسبة صغيرة من المصروفات العامة التي تُقدر فوائدها بحوالي 47% من الإنفاق الحكومي،جدير بالذكر أن التركيز على الدعم النقدي قد يعزز القدرة المالية للدولة ويتيح تخصيص موارد أفضل لمجالات أخرى.
النقاشات حول الفئات المستهدفة
تدور النقاشات الحالية حول الفئات المؤهلة للحصول على الدعم النقدي، وما إذا كان سيُمنح المبلغ لكل فرد أم للأسرة بشكل عام،كما تُطرح تساؤلات حول إمكانية ربط الدعم بمعدلات التضخم؛ لحماية القوة الشرائية للمواطنين،يُشار إلى أن عدد المستفيدين من نظام الدعم التمويني الحالي يصل إلى حوالي 63 مليون مواطن، مما يعكس الحاجة الملحة لوضع آلية عادلة وشفافة في توزيع الدعم.
جهود الحكومة لتحسين فعالية برامج الدعم
تسعى الحكومة المصرية من خلال هذا التحول إلى تعزيز فعالية وشفافية برامج الدعم، مما يمكّن المواطنين من اختيار السلع التي تراعي احتياجاتهم الشخصية،وقد اقترح خبراء الاقتصاد إنشاء مجلس مختص يكون مسؤولاً عن وضع معايير دقيقة لاستهداف مستحقي الدعم، لضمان تحقيق العدالة الاجتماعية،سيقوم هذا المجلس بإيجاد آلية تربط الدعم بمعدل التضخم لتحسين القيمة الشرائية للدعم النقدي.
تشكيل المجلس الأعلى للدعم
تمثل فكرة تشكيل المجلس الأعلى للدعم خطوة هامة في هذا الاتجاه، حيث سينطوي المجلس على ممثلين من وزارات المالية، التضامن، التموين، وكذلك البنك المركزي والجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء،يسعى المجلس إلى وضع الأسس المناسبة لضمان وصول الدعم إلى مستحقيه بشكل فعال، مما يعكس التوجه الحكومي نحو تحسين مستوى معيشة المواطنين.
التحديات المرتبطة بالدعم العيني
يستفيد المواطنون حالياً من الدعم العيني الذي يقدم لهم حصص ثابتة من السلع المدعومة، مثل السكر والزيت والأرز،ومع ذلك، يواجه هذا النظام عدة تحديات، منها ضعف التنوع في السلع المدعومة وكثرة مشكلات التوزيع،يؤدي ذلك إلى صعوبة تلبية الاحتياجات الفعلية للمواطنين، وهو ما يجعل التحول إلى الدعم النقدي أمراً ضرورياً.
فوائد الدعم النقدي
يعد النظام الجديد خطوة إيجابية في منح المواطنين الحرية لشراء السلع التي تناسب احتياجاتهم الفعلية،من خلال تقديم قيمة الدعم النقدي، سيتمكن المواطنون من تخصيص المبلغ وفقاً لعدد أفراد الأسرة ومتطلباتهم،من المتوقع أن يؤدي هذا التحول إلى تقليل الهدر الذي كان شائعاً في النظام العيني، مما يعزز من كفاءة استخدام الدعم ويحد من الفقر بشكل أكثر فاعلية.
التوقعات المستقبلية
من المتوقع أن يحقق التحول إلى الدعم النقدي فوائد كبيرة، بما في ذلك كفاءة استخدام الموارد المالية، تحقيق العدالة في توزيع الدعم، ومكافحة الفقر بطرق أكثر فعالية،يتطلب نجاح هذا التحول العمل على تحديد الدعم النقدي بدقة من خلال عدة عوامل مثل دخل الأسرة وعدد أفرادها، إلى جانب التأثير المحتمل على السوق المحلي واحتياجات المواطنين في المستقبل،من المهم أن تضع الحكومة استراتيجية شاملة تضمن تحقيق هذه الأهداف على مدار السنوات القادمة.
باختصار، يمثل التحول إلى الدعم النقدي فرصة لتحسين الأنظمة الاجتماعية والاقتصادية في مصر،يتيح هذا النظام تعزيز الكفاءة والعدالة من خلال توجيه الدعم إلى مستحقيه الفعليين،إن الخطوات المرتبطة بهذا التحول تعكس محاولة الحكومة المصرية لتحقيق تنمية مستدامة ومشروعات تقضي على الفقر وتعزز من مستوى معيشة الأفراد،يبقى أن يعتمد المواطنون على وعيهم بكيفية استغلال هذا الدعم لتحقيق الفوائد المرجوة.