جدل قانون الإجراءات الجنائية

أرى أن الجدل المثار حول قانون الإجراءات الجنائية مهم ويدعم قضية الحريات فى مصر، فالخلاف فى وجهات النظر تجاه بعض مواد القانون لا يفسد للوطن قضية، وعلى الجميع أن يضع نصب عينيه سمعة مصر ورغبة الدولة المصرية ذاتها فى تحقيق الديمقراطية وحرية الرأى والتعبير.

أشعر أن هناك من ينفخ فى النار مستغلاً مواقف بعض الأشخاص والكيانات الوطنية لتأجيج الفتنة وإظهار الدولة المصرية بمظهر غير حقيقى، فهناك وطنيون أثق بهم تماماً أكدوا أن هناك مواد مستحدثة فى صالح المتهم ربما منها نص يلزم المحكمة بندب محام عن المتهم فى حالة عدم وجود محام له فى قضايا الجنح وليس فى الجنايات فقط، كما كان الوضع فى القانون القائم، وهو ما يزيد من ضمانات حق الدفاع.

أما موقف نقابة المحامين برئاسة عبدالحليم علام فهو موقف طبيعى لأن المحاماة ضلع أساسى فى جسد العدالة، وشريك فاعل فى الحفاظ على تطبيق مواد القانون والدستور، ولا يمكن أن يصدر قانون أو يتم تعديل قانون دون العرض على نقابة المحامين، وقد استجاب البرلمان وخاطب النقابة لحضور النقيب أو مندوب عنه وقد تحقق الغرض إذًا لا مشكلة، بالإضافة إلى وجود عدد من المحامين النواب فى البرلمان وهم بالطبع حريصون على أن يخرج القانون بالشكل المطلوب.

أما موقف نقابة الصحفيين فهو طبيعى أيضًا باعتبار أنها قلعة من قلاع الحريات، وأثلج صدور الصحفيين موقف نقيبهم خالد البلشى من القانون ودعمه بيان نقابة المحامين باعتبار أن القانون شأن خاص لكل مصرى ولا يريد أحد أن يفقد المواطن ثقته فى القانون الذى يحكمه، فبيان المحامين وموقف الصحفيين يعكس الوطنية والانتماء بل ويدعم إرادة الدولة المصرية فى الوصول بمعدل قضية الحريات وقضايا الرأى والتعبير إلى المعدلات العالمية، والحوار الوطنى خير دليل على قبول الدولة لمبدأ التحاور وسماع كل الآراء، بل إن الرئيس السيسى هو من بادر بالدعوة لهذا الحوار إيمانًا منه بمبدأ التشاور وتبادل الآراء وتحويل ما تم الاتفاق عليه إلى قوانين وتشريعات. 

ولا عجب ولن يُغضب الدولة أن يطالب كثيرون بضرورة طرح مشروع القانون لحوار مجتمعى شامل تشارك فيه كل أركان منظومة العدالة والمواطنين والمؤسسات المعنية بالحقوق العامة، لأن رأس الدولة هو من بادر بدعوة كل القوى السياسية والوطنية والخبراء من كافة الجهات والتيارات للتحاور بشأن قضايانا العامة خاصة قضايا الحريات وقد أثمرت بالفعل نتائج هذه الدعوة.

لقد بدأت الدولة بالفعل واتخذت خطوات جادة فى قضية الحريات خلال الفترة الماضية، ومطلوب فى هذه المرحلة إعادة الثقة للمواطنين فى نوايا الدولة تجاه قضية الحريات، ولن يضير أحد أن يجلس الجميع لمناقشة مواد القانون وإبراز المواد التى استحدثها مشروع القانون والتى اختلف البعض عليها، وعرضها على الرأى العام لإزالة أى لبس أو تشكيك موجود لدى المحامين أو أى من القوى والتيارات السياسية حتى نغلق الباب على المتربصين بهذا الوطن، وحتى نصل إلى صيغة لمواد قانونية تحقق العدالة للمواطن وتحمى حريته الشخصية.

 

‏[email protected]