شعراء شباب ورواد أضاءوا ثلاثة أيام على التوالي
جمال القصاص: المؤتمر ألغى المسافة بين النقد والإبداع ويجب الحفاظ على استقلاليته
«أنطولوجيا قصيدة النثر المصرية 6» تضم قصائد 30 شاعرًا مصريًا
تحت عنوان «الجليل والجميل والقبيح في قصيدة النثر المصرية»، وبشعار “في الإبداع متسع للجميع”، عقدت الدورة الثامنة لمؤتمر قصيدة النثر المصرية، على مدار ثلاثة أيام هي 17، 18، 19 سبتمبر الجاري، بمقر جريدة الدستور، التي استضافت فعاليات المؤتمر، بعد تعذر إقامته ببيت السناري.
رأس تلك الدورة الشاعر عادل جلال، وشارك في التنظيم عدد من الشعراء، جاء في مقدمتهم عمر شهريار، هناء نصير، وغيرهما.
وبغض الطرف عن ذاك الخلاف الأبدي بين شعراء قصيدة النثر وشعراء القصيدة العمودية والشعر الحر،
فقد شهدت تلك الدورة زخمًا وحضورا لافتا، كما قُدمت أوراق بحثية مهمة، واحتفي بشعراء رواد في قصيدة النثر، مثل محمد فريد أبوسعدة، جمال القصاص، وتقدم نقاد بدراسات نقدية في مجمل أعمالهما، كما أعلن عن إصدار الجزء السادس من «أنطولوجيا قصيدة النثر المصرية»، الذى ضم قصائد 30 شاعرًا مصريًا.
وعن أهمية تلك الدورة من المؤتمر واختلافها، يقول الشاعر جمال القصاص، في تصريح خاص للوفد، إن تلك الدورة رغم ما واجهها من عقبات إلا أنها شهدت هذا العام زخما واضحا، وقدمت أصواتا شعرية شابة وأخرى نقدية مهمة ولافتة، سعدت بها كثيرا، كما أنها ألغت المسافة بين الإبداع والنقد، وأتاحت مساحات من الحوار بين النقاد والحضور، وهو أمر واضح ومهم.
وأضاف القصاص، أن أهمية ذلك المؤتمر تنبع من استقلاليته ودعمه بعيدا عن مؤسسات الدولة، وهو ما يجب الحفاظ عليه.
** قصيدة النثر بعد العولمة واحتفاء بفريد أبوسعدة
تضمن اليوم الأول من المؤتمر الجلسة الافتتاحية وأدارها الإعلامي هشام محمود، وجلستين نقاشيتين وأمسية شعرية، جاءت الجلسة الأولى تحت عنوان “ما بعد العولمة وتبعاتها في الشعر المعاصر”، وحاضر بها د.محمود الضبع، د.حسام جايل، وأدارها د.أيمن الغندور.
ونوقش خلالها أثر ما بعد العولمة والحداثة في الشعر المعاصر وتطوراته، كما تحدث د.حسام جايل، تحت عنوان “اللغة والتحولات الشعرية في قصيدة النثر” عن أهمية الارتباط بالتراث وضرورة عدم حدوث قطيعة بين الشعر المعاصر والكلاسيكي، مستعرضا بعض نماذج الشعر العمودي والتراثي، والتحولات الحادثة في قصيدة النثر وتطوراتها.
بينما شهدت الندوة الثانية والتي جاءت تحت عنوان «قليل من المحبة»، احتفاء بتجربة الشاعر الكبير محمد فريد أبوسعدة، وتحدث بها الشاعر جمال القصاص، د.أسماء عطا، وأدارها الشاعر أسامة بدر.
بداية قال الشاعر الكبير جمال القصاص، في حديثه الذي جاء بلغة حميمية، أكثر منها نقدية، عن الشاعر الكبير محمد فريد أبوسعدة، الذي حال مرضه دون حضوره: ” فريد أبوسعدة حلقة متصلة بالروح، فهو يأخذك لتجربته في إطار الصوفية فتدرك أن القصيدة ملتصقة بالروح”
ويضيف القصاص: عندما غادر أبوسعدة منطقة التخوم، (التفعيلة والنثر)، وبدأ يرتبط بالواقع وتجربته الخاصة بدأت بصمته تتضح وحصيلته تحلق في فضاء التجريب في دواوينه.
وعن تلقيه لتجربة أبوسعدة الشعرية، يقول القصاص: كنت أقف من شعره في منطقة رمادية محيرة فلست مع او ضد، ثم صرت متحمسا لكل مع أو ضد في شعره، كنت أبحث عما يصدمني في كل هذا، أن أتحرر من نفسي، أحس بأن جزءا من أحلامي العصية تحققه قصائد الآخرين وإنني يمكنني استعادة تلك الأحلام في شعري بعد أن اختبرت وجودها في تربة خصبة أخرى، فكان أبوسعدة من هؤلاء الذين استدرجوا تلك الأحلام.
ويستطرد قائلا: حين أقول باسمه أنصت في اللحظة نفسها إلى نفسي، هكذا خاطبته بضمير الشعر.
ثم استعرض جمال القصاص تجربة أبو سعدة الشعرية وتطورها، وتأثير الحس الصوفي في قصائده.
فيما قدمت د.أسماء عطا، ورقة بحثية في ديوان “طائر الكحول”، مؤكدة أن أبو سعدة يمتلك تقنية خاصة في الكتابة لأنه كان يكتب العمودية ثم التفعيلة حتى وصل لقصيدة النثر، فهو من جيل السبعينيات الذي أخذ نظرية ما بعد الحداثة، وجاءت جماعة أصوات وكل روادها الذين استخدموا لغة الحياة اليومية، واشتبكوا معها.
وعن مفاتيح القصيدة عند أبو سعدةتؤكد أسماء أنها المرأة والجسد، خاصة في هذا الديوان، فالسيادة هنا للأنثى، وهي سيادة للخصوبة والاستمرار، قد لا يراها المعارضون لها ذوو النظرة التقليدية للمرأة.
وعن تأثير ما بعد الحداثة في الديوان، تؤكد د. أسماء ظهورها في استخدامه الغرائبية في الشعر، فيصبح المنطق في اللاغرائبي.
كما استعرضت دراسة فنية للديوان متحدثة من خلاله عن خصائص الشعر لدى محمد فريد أبوسعدة.
كما أقيمت أمسية شعرية أدارها الإعلامي هشام محمود، ألقى فيها عدد من الشعراء الشباب مجموعة من قصائدهم التي أمتعت الحضور، منهم: رنا سمير، أدهم مطير، أشرف الصاوي، أحمد المريخي.
* جدل القطيعة والتواصل.. واحتفاء بجمال القصاص
وشهد اليوم الثانى من المؤتمر جلستين وأمسية، الأولى أدارتها المترجمة هناء نصير، وتحدث فيها الشاعر والناقد عمر شهريار عن “قصيدة النثر.. جدل القطيعة والتواصل”، كما تحدث الناقد مجدي نصار، عن تجليات الذات الشاعرة في قصيدة النثر، مثيرا سؤال “هل تنكر الشعر؟”، كما شهد اليوم احتفالية خاصة بالشاعر جمال القصاص، وحاضر خلالها الشاعران خالد حسان وأسامة حداد، وأدارتها الشاعرة نهال النجار.
ففي حديثه عن تجليات الذات الشاعرة في قصيدة النثر، أشار مجدي نصار الصور المختلفة لتجسد الذات الشاعرة داخل قصيدة النثر، لتشكل الثنائيات المعروفة، مثل: ثنائية الذات والعالم (الذات والموضوع/ الذات والآخر/ الخاص والعام) فيصبح للذات دور فاعل في العالم وليس منفعلا كما كان يحدث في الشعر القديم، وهو ما يحقق للتجربة فرادتها بحضور الذات الشاعرة كرد فعل على العالم، وليس كمجرد شاهد على هذا العالم.
فيما شهد الاحتفاء بالشاعر الكبير جمال القصاص، تقديم ورقتين بحثيتين، قدمهما الشاعر أسامة حداد، والشاعر خالد حسان، حيث أكد الأول أن جمال القصاص شاعر متعدد، يحقق قصدية الدكتور صلاح فضل فى كتابه «الأساليب الشعرية المعاصرة»، من أنه متعدد الأساليب فهو يحققها بسهولة ويسر.
كما استعرض مشوار جمال القصاص وتأثيره في أجيال متعاقبة من الشعراء.
مؤكدا: «هو الشاعر الأكثر جدية فى جيله منذ أكثر من ٥٠ سنة، وهو مخلص للشعر”.
بينما تناول الشاعر خالد حسان تأثير جمال القصاص في نفسه، وأثر قراءته لأحد دواوين القصاص في قصيدة النثر وأنه كان بوابة دخوله لعالم قصيدة النثر ..
عارجا بالحديث عن المرأة في شعر القصاص، وأثر الإسكندرية بشوارعها في قصائده، وعقب جمال القصاص مؤكدا: أحب الاسكندرية وكان لها بصمة في شعري واضحة، بكل شوارعها ومناطقها، بدءا من زنقة الستات والنبي دانيال وغيرها.
مؤكدا أنه اضطر لكتابة العامية في نصوصه لاستدعاء الحالة ذلك..
فيما شهد ذلك اليوم الأمسية الشعرية الثانية، وأدارها الشاعر محمود سيف الدين، حيث استمع الحضور لشعراء، منهم: جمال القصاص، وليد ثابت، لبنى حمادة، نهال النجار، عبدالمنعم شتيوي، إيمان جبل، بهاء جمعة، إبراهيم عبدالفتاح، أحمد سلامة الرشيدى، وأحمد عبدالعظيم، وغيرهم.
وفي كلمته قال الشاعر وليد ثابت: إن المؤتمر جعل لكائن الشعر العنيد معرفة وماهية”
وأضاف: «من هذه التحركات وربما أسبقها كان حراك مؤتمر قصيدة النثر الذى يقيمه ويؤسسه جمع طيب من الأصدقاء الذين لا نختلف حول نواياهم الصادقة المخلصة فى صنع وتخليق هذا التاريخ».
*سرديات الماهية والبحث عن راحة الذات
وشهد اليوم الثالث والأخير للمؤتمر ندوة نقدية أدارتها الإعلامية الدكتورة صفاء النجار، وتحدث خلالها الناقد إبراهيم أحمد أردش عن “البحث عن راحة الذات المتعبة من الأفكار فى قصيدة النثر”، كما تناولت هبة رجب شرف الدين “سرديات الماهية في قصيدة النثر”.
بداية قالت د.صفاء النجار إن «الإبداع يقوم على شقين المبدع بإبداعه والناقد الذى يقرب إبداعه إلى المتلقى، ومن دون وجود ناقد حقيقى لا يوجد أدب، ولكان الأدب قاصرًا على من يكتبونه، فالناقد الأدبى دوره تقريب النصوص للمتلقى، خاصة النصوص التى تتسم بالتجريب والابتكار، وتطرح رؤى جديدة للعالم».
بينما قدم الناقد إبراهيم أردش، دراسة بعنوان «البحث عن راحة الذات المتعبة من الأفكار فى قصيدة النثر»، تناول خلالها ديوان الشاعر أحمد الشهاوى، «ما أنا فيه»،
فيما قالت الباحثة هبة شرف الدين في دراستها “سرديات الماهية”، إن سرديات الماهية تُعدُّ منطلقًا بحثيًا مهمًا؛ من أجل معرفة مدى صلة قصيدة النثر بالهرمانيوطيقا، خاصة أن الشعر ذو صلة أكبر بالأنظمة التأملية، التى هى مبتدأ التأويل”.
واختتم المؤتمر بآخر أمسياته الشعرية والتي أدارها الشاعر مصطفى عبادة، وشارك بها جمع عريض من الشعراء، منهم:
د.أحمد الجعفري، إيمان الجوهري، قيس فرج، محمد العارف، محمد الكفراوي، محمد جيب، محمد سادات، محمد عزيز، محمد غازي، هاجر أبوشعيشع، هناء الغنيمي، عماد غزالي، رضا احمد، إبراهيم محمد، سيد العديسي، محمد سالم.