نصر أكتوبر .. حكاية شعب

انتصار السادس من أكتوبر ١٩٧٣م كان وما زال بمثابة مفاجأة استراتيجية ودرس فى التخطيط والإرادة، والأساس فى تغيير موازين القوى فى منطقة الشرق الأوسط، ويعد من أبرز الانتصارات فى تاريخ مصر والعالم العربي، حيث تمكن الجيش المصرى من استعادة الثقة الوطنية والعسكرية بعد نكسة ١٩٦٧م .

ولهذا الانتصار العظيم أبعاد عدة منها: 

– البُعد العسكرى: شن الجيش المصرى هجومًا مباغتًا على القوات الإسرائيلية، ونجحت فى عبور قناة السويس وتحطيم خط بارليف الأسطورى فى وقت قياسي، أكبر تحصين إسرائيلى غير قابل للاختراق، فكان التخطيط المحكم، الذى جمع بين الهجوم الجوى والبحرى والبري، هو المفتاح لتحقيق المفاجأة والسيطرة على القوات الإسرائيلية التى كانت تعتمد على التفوق التكنولوجي.

– البُعد الاستراتيجي: قبل الحرب احتفظت إسرائيل بسيطرتها على الأراضى المحتلة منذ حرب 1967، واثقة من قوتها الدفاعية، لكن الحرب أظهرت أن الاستراتيجيات التقليدية لم تعد كافية، وأن الجيوش العربية قادرة على المبادرة والهجوم.

– البُعد السياسي: كان للحرب تأثير سياسى كبير، حيث أجبرت الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتى على التدخل للتوسط لوقف إطلاق النار، ما أدى إلى إعادة رسم الخريطة الجيوسياسية للمنطقة، وبعد الحرب، بدأت مفاوضات سلام طويلة الأمد أدت إلى توقيع اتفاقية سلام استعادت مصر لكامل سيناء فى إطار اتفاق سلام دائم.

– البُعد المعنوي: أعادت الحرب للأمة العربية كرامتها وثقتها، حيث شعرت الشعوب العربية بالفخر والاعتزاز بقواتها المسلحة، وأثبتت الحرب أن الشعوب العربية قادرة على توحيد جهودها والقتال من أجل قضاياها.

– التعاون العربي: كان هناك تنسيق كبير بين مصر وسوريا فى الهجوم على جبهتين مختلفتين (سيناء والجولان)، إضافة إلى الدعم العربى من دول مثل الكويت وليبيا والجزائر، وغيرها حيث قدمت هذه الدول مساعدات مالية ونفطية لدعم المجهود الحربى، بالإضافة للقرار التاريخى الذى اتخذه الملك فيصل بقطع إمدادات النفط عن الدول الغربية التى تدعم إسرائيل كان له أثر كبير فى تعزيز مكانة العرب على الساحة الدولية.

نتائج الانتصار: أدى انتصار أكتوبر إلى تحرير جزء كبير من سيناء، ثم تواصلت الجهود الدبلوماسية بعد الحرب لاستعادة كامل سيناء، وهو ما تحقق بموجب اتفاقية كامب ديفيد.

< تعزيز الروح المعنوية: الحرب أعادت للجيش المصرى هيبته وكرامته، وأظهرت أن التفوق التكنولوجى يمكن تجاوزه بالتخطيط المحكم والإرادة القوية.

< تغيير السياسات الدولية: الحرب دفعت القوى الكبرى إلى إعادة التفكير فى سياساتها تجاه الشرق الأوسط، حيث أدركت الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتى أن استمرار الصراع يهدد مصالحهما فى المنطقة.

انتصار أكتوبر يظل رمزًا للصمود والعزيمة العربية فى مواجهة التحديات الكبرى، ومثالًا على أن الوحدة والتخطيط الدقيق يمكن أن يؤدى إلى إنجازات عظيمة.

 

[email protected]