السجن أصبح مقبرة..؟

بدون رتوش

اغتال الكيان الصهيونى الغاصب قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر الماضى عندما استهدف البشر والحجر، واعتمد الإبادة الجماعية كوسيلة يحقق من خلالها مراميه ومآربه فى السيطرة كليا على الأراضى الفلسطينية. ولهذا عمد إلى زيادة وتيرة جرائم الحرب التى شرعها كهدف له لبسط سطوته وجبروته، وهو ما حدا بالمفوض العام لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) إلى أن يقول: (القطاع الذى وصف على مدى أعوام بأنه سجن كبير مفتوح فى ظل الحصار الجوى والبرى والبحرى أصبح مقبرة للسكان المحاصرين بين الحرب والحصار والحرمان والتجويع)، وهو ما دفعه إلى أن يدعو الكيان الصهيونى إلى احترام القانون الانسانى الدولى والحفاظ على المدنيين وحمايتهم، وتفعيل وقف فورى لإطلاق النار للسماح بالوصول الآمن والمستمر، وغير المقيد إلى الوقود والأدوية والمياه والغذاء فى القطاع.

وقال المسئول الأممى: (إن التاريخ سوف يتساءل: لماذا لم يكن لدى العالم الشجاعة للتصرف بشكل حاسم ووقف هذا الجحيم على الأرض؟). وفى الوقت نفسه تخوض اسرائيل اليوم حربا شرسة على ست جبهات أولها جبهة حماس التى ما زالت تتمتع بقدر كبير من القدرة التى مكنتها من شن هجوم بحرى على إسرائيل، فى الرابع والعشرين من أكتوبر، ومن إطلاق صواريخ بعيدة المدى باتجاه مدينة ايلات جنوب اسرائيل، ومدينة حيفا الساحلية الشمالية. أما الجبهة الثانية فتمثلها إيران ووكلاؤها أى حزب الله فى سوريا ولبنان، وحزب الله فى سوريا فى سوريا ولبنان والميليشيات الإسلامية والحوثيين فى اليمن.

وتتمحور الجبهة الثالثة حول شبكات التواصل الاجتماعى التى أصبحت اليوم ذات قيمة استراتيجية حقيقية قى ظل تبادل الآراء بشكل مفتوح حول العالم، ومنها ما يخص إدانة إسرائيل إزاء استهدافها للمستشفيات. وبخلاف هذا يشكل الصراع الفكرى الفلسطينى بين إسرائيل والحركة التقدمية العالمية الجبهة الرابعة. وهنا تجدر الإشارة إلى المظاهرات فى حرم الجامعات الأمريكية التى تلقى باللوم على إسرائيل فى مواجهتها لحركة حماس التى يرونها على حق لكونها منخرطة فى النضال المشروع ضد الاستعمار. ويمثل الداخل الإسرائيلى والأراضى المحتلة فى الضفة الغربية الجبهة الخامسة، حيث يهاجم المستوطنون الفلسطينيين الذين يحاولون الدفاع عن أراضيهم، ومن ثم يعمدون إلى عرقلة جهود المؤسسة العسكرية الاسرائيلية للسيطرة عليها بالتعاون مع قوات الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية. وتأتى الجبهة السادسة لتسلط الضوء على الداخل الإسرائيلى حيث المواطنين اليهود. وهنا يوجه الانتقاد إلى استراتيجية «نتنياهو» التى بنيت على تأليب فصائل المجتمع الاسرائيلى ضد بعضها البعض مما أدى إلى تآكل الوحدة المجتمعية الضرورية لكسب الحرب التى يخوضها الاحتلال الغاصب.

وتستمر أمريكا كعنصر رئيسى داعم للاحتلال الغاصب فى كل الجرائم التى يرتكبها، وكعنصر يؤكد بأن إسرائيل لا يمكنها أن تفوز بمفردها فى هذه الحرب إلا إذا تمكنت هى وأمريكا معًا من تشكيل تحالف عالمى. بينما يرى بعض المحللين أن الحل يكمن فى الإعلان عن نهاية توسيع المستوطنات الإسرائيلية فى الضفة الغربية، وإصلاح علاقات إسرائيل مع السلطة الفلسطينية بحيث تصبح شريكًا شرعيًا ذا مصداقية، وبالتالى تحكم قطاع غزة وتشارك فى صياغة حل الدولتين الذى يشمل الضفة الغربية بعد التخلص من حركة حماس.