تل أبيب – واشنطن.. من يُعطِل «وقف النار»؟

اتجـــــاه

إن كانت حركة المقاومة الإسلامية «حماس»، فى بيانات عديدة صدرت عنها، ألقت بمسئولية فشل مفاوضات التهدئة، ووقف الحرب فى قطاع غزة، لرئيس الوزراء الإسرائيلى، بنيامين نتنياهو، فقد قالت الحقيقة من دون أى لبس، طالما كان مسئولاّ وحده، عن انهيار جولات التفاوض- السابقة والجارية- التى استضافتها بالتبادل، كل من العاصمتين،  المصرية «القاهرة»، والقطرية «الدوحة»..ورغم مناخات التفاؤل التى كان يتحدث بها، إما شركاء وإما مطلعين على المناقشات، وتبشر بقرب توقيع اتفاق، إلا وتنهار- فى اللحظة الحرجة- بناءات الأطراف المشاركة نحو التهدئة، وتعود أجنداتهم إلى مربع الصفر، مع تعسف هذا الـ«نتنياهو» المتعمد لتعطيل أى اتفاق.
<< إن كان التعطيل دائماّ يكون من جانب «تل أبيب»، فإن مرده الدعم المطلق من جانب الولايات المتحدة الأمريكية، الدعم السياسى بالتوازى مع الدعم العسكرى، الذى هو السبب الرئيس فى إبادة شعب غزة، وقد تجاوز الضحايا ما بعد الـ40 ألف شهيد والـ92 ألف مصاب، بخلاف آلاف المفقودين تحت الأنقاض، وتأسيساّ على هذه الازدواجية الأمريكية، تكون «واشنطن» مشاركاّ فى تعطيل أى اتفاق لوقف الحرب هناك، لأنها لو أرادت ذلك، لأجبرت «نتنياهو» وحكومته على الخضوع على طاولة الوسطاء، والقبول بفرص التهدئة والإفراج عن الرهائن، وباقى ما تتضمنه نصوص كل المبادرات، التى يسايرها «نتنياهو» فى البداية، ويتعمد أن ينسفها قبل النهاية.
<< صحيح.. «واشنطن» كما «تل أبيب»، فى تعطيل مفاوضات التهدئة، لأنها لاتعترض على كلام رئيس الوزراء الإسرائيلى، الذى يتحدث عن وقف مؤقت «فقط» لضرب النار، وليس وقفا نهائيا للحرب، يعنى إصرارا علنيا على استمرار الإبادة الحماعية لأبناء غزة، والإدارة الأمريكية لا تتدخل ولا تستخدم نفوذها لـ«فرملة» هذا الرجل، أو حتى تثنيه عن توسيع ساحة الصراع، الذى قد يتمدد فى المنطقة، وتتشاركه أطراف إقليمية، كما حزب الله ثأرا للقائد فؤاد شكر، وإيران انتقاما لاغتيال إسماعيل هنية.. ومحاور الإسناد من العراق واليمن، ودون ذلك تتهم حركة «حماس» بالتراجع عن التزماتها، نحو ما يتعلق بمفاوضات التهدئة، ما تنفيه الحركة وتؤكد جديتها نحو وقف الحرب.
<< لقد أصدرت «حماس» أكثر من بيان، وألزمت نفسها وقياداتها بقبول اقتراح الرئيس الأمريكى، جو بايدن، الذى أعلن عنه، فى31 مايو الماضى، والذى أيده مجلس الأمن بالقرار 2735، فى 11 يونية الماضى أيضا، وهو بناء من 3 مراحل، مدة كل مرحلة 6 أسابيع، يتم خلالها إطلاق رهائن الـ«7 أكتوبر»، والإفراج عن فلسطينيين من سجون الاحتلال، وبالتدرج لوقف نهائى للحرب، وكان اتفاقا للوسطاء فى 2 يوليو الماضى، قبلت به «حماس» وتنصل منه «نتنياهو»، ومع ذلك يَدَعى الرئيس «بايدن» على الحركة ويتهمها بالتراجع، وهو نفس ما يكرره وزير خارجيته، أنتونى بلينكن، أينما ذهب فى بلاد المنطقة، من دون خجل.. أو مجرد لوم للطرف الآخر.
<< ربما كما يقول البعض، أن «نتنياهو» يربط استمرار الحرب، بوجوده على رأس السلطة فى إسرائيل، لكن الحقيقة الأخطر، أنه ربما يعمل على مخطط يهم الأمريكيين، يبدأ بتصفية القضية الفلسطينية، وينتهى بالسيطرة على منطقة الشرق الأوسط، فى مواجهة غير معلنة، مع أى توسع روسى- صينى، وبالقرب من إيران العدو «النووى» المحتمل للبلدين، وإلا بماذا نفسر السلوك الإسرائيلى، فى افتعال أزمة- غير ضرورية- حول محور «فيلادليفيا» الحدودى، الذى لا تسمح اتفاقية «كامب ديفيد» الموقعة مع مصر- فى العام1979- بالتواجد الإسرائيلى فى نطاقه، ومع أنه لن يجد ما يريده هناك، لكن تبقى الغايات الأمريكية- الإسرائيلية، أهم من رهائن أو اتفاق لوقف الحرب.
‏[email protected]