في ظل التطورات المتسارعة التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط، تأتي زيارة رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني إلى القاهرة كحدث هام يحمل في طياته دلالات سياسية واقتصادية متعددة، هذه الزيارة تأتي في وقت حساس تعكس فيه الدول العربية اهتمامًا متزايدًا بتعزيز التعاون الثنائي لمواجهة التحديات الإقليمية.
وفي هذا السياق، تبرز أهمية التنسيق المصري العراقي، الذي يتسم بتوافق الرؤى حول قضايا محورية، مثل عودة النازحين، ووقف إطلاق النار، وتعزيز التعاون الاقتصادي. تسعى بغداد لتعميق علاقاتها مع القاهرة للاستفادة من الخبرات المصرية في مجالات متعددة، مثل إعادة الإعمار والتنمية المستدامة، مما يُعزز من فرص النمو الاقتصادي والاستقرار في المنطقة.
أهمية سياسية كبيرة
قال هادي جلو مرعي، المحلل السياسي العراقي، إن الزيارة الأخيرة للرئيس الوزراء العراقي إلى القاهرة تحمل أهمية كبيرة نظرًا لتطورات الأوضاع في المنطقة، وخاصة الأحداث في غزة.
وأضاف «مرعي» في تصريحات خاصة لـ «الفجر»، أن الموقفين العراقي والمصري متقاربان للغاية فيما يتعلق بضرورة عودة النازحين، ووقف إطلاق النار، وتأمين المساعدات الإنسانية، وأيضًا توحيد الصف العربي تجاه هذه القضية، على الرغم من أن هذا الموقف العربي يُعد ضعيفًا في الوقت الحالي.
وأشار مرعي إلى أن الموقف المصري يُعتبر متميزًا ومتفردًا حتى اللحظة، حيث يُظهر قدرًا كبيرًا من العقلانية ولا يُحابي إسرائيل أو الغرب، وبدلًا من ذلك، يعتمد على استراتيجية ثابتة تأخذ بعين الاعتبار وضع مصر الإقليمي والدولي. ولفت إلى أن مصر تتصرف بحكمة وروية، مدركة أن إسرائيل قد ترغب في إبقاء الموقف العربي ضعيفًا.
كما لفت المحلل السياسي العراقي، إلى أهمية التعاون الاقتصادي بين العراق ومصر في هذه المرحلة.
الأهمية الاقتصادية
أوضح الدكتور أشرف غراب، الخبير الاقتصادي، نائب رئيس الاتحاد العربي للتنمية الاجتماعية بمنظومة العمل العربي بجامعة الدول العربية لشئون التنمية الاقتصادية، أن زيارة رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، ولقائه الرئيس عبدالفتاح السيسي، تسهم في تعزيز العلاقات والتعاون الاقتصادي والسياسي بين الدولتين، خاصة مع حرص دولة العراق على الاستفادة من خبرات مصر في إعادة إعمار العراق، وامتلاك مصر الكثير من الشركات العملاقة في مجال الإعمار وعملت في العديد من الدول العربية والإفريقية.
أضاف «غراب» في تصريحات خاصة لـ «الفجر»، أن مصر والعراق تربطهما علاقات تاريخية قوية ومتينة، وزيارة الشياع لمصر تفتح المزيد من آفاق التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري بين مصر والعراق، خاصة مع ما تمتلكه مصر من مشروعات قومية عملاقة ومناخ جاذب للاستثمارات الأجنبية، هذا بالإضافة لدور مصر الريادي والقيادي بالشرق الأوسط وإفريقيا وثقلها على الساحة الدولية، وأن هذه الزيارة تمثل انطلاقة جديدة في التعاون والعلاقات بين الدولتين.
وأشار غراب، إلى أن زيارة الشياع لمصر جاءت في توقيت مناسب لتعزيز الشراكة الاقتصادية مع مصر خاصة مع ما يتمتع به الاقتصاد المصري من قوة وصلابة استطاع أن يصمد أمام كافة الأزمات الاقتصادية العالمية والجوائح وحقق نجاحات عديدة في كافة المؤشرات الاقتصادية وحقق معدلات نمو موجبة، موضحًا أن الزيارة تسهم في رفع حجم التبادل التجاري بين الدولتين، إضافة إلى سعي بغداد لمشاركة الشركات المصرية في زيادة استثماراتها في إعادة إعمار العراق، خاصة مع الخبرة الكبيرة التي تتمتع بها مصر والشركات المصرية ونجاحها في تنفيذ المشروعات العملاقة كمشروع العاصمة الإدارية وغيرها، إضافة لسعي العراق إلى إحداث شراكة مع مصر في مشروعات الكهرباء والصحة والبنية التحتية والصناعة.
اختتم الخبير الاقتصادي، أن حجم التبادل التجاري بين مصر والعراق لازال صغيرا رغم أن حجم السوق العراقية كبيرة ومفتوحة أمام المنتج المصري، فقد وصل حجم الصادرات المصرية للعراق لنحو 308 ملايين و553 ألف دولار في الفترة من يناير وحتى مايو الماضي، فيما بلغت واردات مصر من العراق نحو 4 ملايين و105 آلاف دولار في الـ5 أشهر الأولى من العام الجاري، متوقعا زيادة في حجم الصادرات المصرية خلال الفترة المقبلة، إضافة إلى أن العراق تريد أن تستفيد من تجربة النجاح المصرية في مجالات البنية التحتية والطاقة الكهربائية وتحقيق التنمية المستدامة والمشروعات القومية ونقلها للعراق.