طغيان المادية وانسحاب الإنسانية

قلم صدق

من المؤسف أننا نعيش اليوم زمن المادة، وأن المعيار الطاغي على سائر المعايير في هذا العصر هو «المادة»، وبالتالي فقد بات من النادر الاحتكام إلى القيم الإنسانية فى ظل ما تمر به مصر والشعب المصرى من ظروف اقتصادية، كاقتصاد الحروب، وحروب إقليمية لم نشهدها منذ سبعينات القرن الماضى، التعايش معها أصبح من الأمور العضال.. ومن أسف أيضَا أنها جاءت وواكبت زمنًا طغت عليه المادية، وكانت المادة هذه ميزان الحياة فيه، رأيناها تفصل بين، القريب والبعيد، الأخ وأخيه، الصاحب وصاحبه، الغنى والفقير، والصغير والكبير، حتى أضحت القيم والأخلاق الحميدة من نوادر القوم، نتعجب إذا رأيناها اليوم نحن جيل الثمانينات ومن سفل من جيل الألفينات ومن علا، بعد أن أصبح المواطن المصرى بين حجرى الرحى: المادية وصعوبة الحياة الاقتصادية.. لذلك لا مناص من أن ننفض عن شخصيتنا غبار المادة والأنانية، ونرجع إلى السفينة النبوية والتعامل بالإنسانية، ونعى كلمات نبينا، عندما حذرنا من الطمع والأنانية، والمصلحة الشخصية، غير عابئ بأخيه وغيره من فقير فى حالة مادية تصل بع إلى الانعدامية. يأتى هذا بعد أن تطابق ما نحن فيه من جشع التجار، ومن أسلوب الشيطنة والاحتكار، حتى أصبح هم الفرد الوحيد وشغله الشاغل إشباع الغرائز النفسية، فلا يفكر الإنسان إلا فيما يساعده في ترفيه العيش، ولا يحاول إلا لما يزيده بسطة في أسباب المعيشة.. نعم تطابقت أحوالنا مع حديث السفينة الأشهر الذى قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مثل القائم على حدود الله والواقع فيها كمثل قوم استهموا على سفينة، فأصاب بعضهم أعلاها، وبعضهم أسفلها، فكان الذين فى أسفلها إذا استقوا من الماء مروا على من فوقهم، فقالوا لو أنا خرقنا فى نصيبنا خرقا ولم نؤذ من فوقنا. فإن يتركوهم وما أرادوا هلكوا جميعا، وإن أخذوا على أيديهم نجوا ونجوا جميعًا» والذى ضرب به رسول الله مثالاً على حب النفس والأنانية، والمادة الطاغية، والإنسان الذى يعيش بمفرده فى البادية.. فمن واعاه نجا ونجا معه القوم، ومن ساهاه وعاداه، غرق وغرق معه القوم.. إنه حديث أو قانون للإنسانية، نتعلم منه فى الجامعة الربانية، من كلية الحقوق النبوية، حق الأخ المشترك، والتعاون فى الشدائد أيام القحط والاقتصاد المضطرب، نتعلم المسئولية الجماعية والمصير المشترك، يا ليت يأتى يوم قريب تعود فيه المعايير والقيم لما كانت عليه ولكن للأسف الشديد أن الأجيال المعاصرة قد تأثرت بالعقلية المادية الجامحة، وتتبع الشعوب الغربية في منهج الحياة والتفكير، وأصبح الشاب يقيس الربح والخسارة والشرف والكرامة بالوسائل المادية والاقتصادية، ولو على حساب القيم والأخلاق والدين

اللهم احفظ مصر وأهلها وارفع قدرها.