وضعت عملية تفجير أجهزة الاتصالات اللاسلكية «البيجر» التى قامت بها اسرائيل ولم تعلن رسميًا مسئوليتها عن تلك الهجمات ضد حزب الله العالم فى طاحونة من الأسئلة : كيف فعل «الموساد» ذلك؟ ولماذا هذا الهجوم الذى وصفه البعض بأنه الأكثر دموية فى تاريخ الهجمات السيبرانية؟ وكيف سيكون رد حزب الله؟ وما هو مستقبل الصراع فى المنطقة؟
تلك الأسئلة وغيرها التى حاولت الصحافة العالمية الإجابة عنها، جاءت من باب الصدمة «السيبرانية» الوحشية التى فتحت مصراعيها وأسفرت عن مقتل العشرات وإصابة الآلاف وما يتبع ذلك من تأثيرات على المدى البعيد، خاصة تلك المخاوف بأن تتحول الأجهزة الذكية إلى قنابل موقوتة وأسلحة فتاكة قد تستهدف الجميع، وما فتحته تلك الهجمات من آفاق جديدة وأفكار واسعة أمام «المنظمات الإرهابية » لشن مثل تلك الجرائم.
الأهم من الإجابة عن الأسئلة السابقة أو تناول تلك المخاوف المشروعة، هو السؤال الذى يجب أن نجيب نحن عنه: ماذا تعلمنا من تلك الهجمات؟
أولًا: يجب أن نتعلم أن الظواهر الصوتية والشعارات الرنانة لا تحقق نصرًا ولن تهزم عدوًا، ولن تحم أرواحًا، بل العلم والتخطيط المدروس والاستعداد الجاد والجيد لكافة الاحتمالات هو الأمل الوحيد للبقاء والصمود فى مناطق الصراع، خاصة وأن تلك الهجمات تم تنفيذها على مدى يومين متتاليين، وتم استهداف ضحايا اليوم الثانى أثناء حضورهم جنازات ضحايا اليوم الأول!
ثانيًا: يجب أن ندرك بعد هذا الهجوم السيبرانى الوحشى أن الكيان الصهيونى قد تسلل واخترق بشكل واضح وواسع وكبير مفاصل أعدائه « حزب الله» و«إيران» الذى أصيب سفيرها خلال تلك الهجمات.
ثالثًا : علينا أن نعى أن الإدانات الدولية لتلك التفجيرات والحديث عن انتهاك إسرائيل للقانون الدولى باستخدام أغراض مدنية كأجهزة «مفخخة» ليس له محل من الإعراب، لأن تلك الإدانات أمست وأصبحت وأضحت وصارت من المضحكات المبكيات، وما يحدث فى غزة من عمليات إجرامية وإبادة جماعية وتطهير عرقى خير شاهد وخير دليل بأن الإدانات لن تردع الكيان المجرم عن جرائمه ولن تمنعه من انتهاك القانون الدولى والإنسانى بوحشية، ليصبح الحل الأول والأخير بأيدينا.
الأهم مما سبق كله، يجب أن نعى وندرك ونتعلم أن «عقيدة الخيانة» هى الدرس المستفاد فى الماضى والحاضر والمستقبل، تلك العقيدة التى يستند إليها الكيان المحتل لتنفيذ جرائمه وقصة «راحاب الزانية» واحتلال «أريحا» فى سفر«يشوع» المثال الأوضح لتلك العقيدة، تقول القصة أن «يشوع بن نون» أرسل سرًا جاسوسين لاستكشاف «أريحا»، فانطلقا الرجلان ودخلا بيت امرأة زانية اسمها «راحاب» وباتا هناك، ولما علم ملك «أريحا» بالأمر، طلب من «راحاب» إخراج الجاسوسين اللذين دخلا بيتها، ولكن «راحاب» أخذت الرجلين وخبأتهما، وقالت : نعم جاء إليًّ الرجلان ولم أعرف من أين أقبلا، وقد غادرا المنزل قبل إغلاق باب المدينة عند حلول الظلام، ولست أعلم أين اتجها، فهيا اسعوا وراءهما حتى تلحقوا بهما.
وبعد أن أخذت «راحاب» من الجاسوسين وعدًا بالأمان لها ولأبيها ومن فى بيتها، ساعدتهما على الهرب، ثم جاء الرجلان إلي« يشوع بن نون» وحدثاه بكل ما جرى، وقالا ليشوع : «إن الرب قد وهبنا الأرض وقد خارت قلوب سكانها رعبًا منا»، كما أخبرتهما «راحاب» بهذا الخوف، وبعد محاصرة «أريحا»، ونفخ الكهنة فى الأبواق، سقطت «أريحا»، ودُمرت المدينة وقتلوا من فيها من رجال ونساء وأطفال وشيوخ حتى البقر والغنم والحمير، وبعد إخراج «راحاب» ومن فى بيت أبيها، أحرق الإسرائيليون المدينة بالنار.
فى النهاية : تبحث اسرائيل دائمًا عن من يجيد لعب دور«راحاب» الزانية على مسرح الخيانة الفاضلة! لتنفيذ مخططاتها وتحقيق أهدافها.
الخلاصة : فتش عن «راحاب» خلف كل جريمة تحاك للأوطان.
[email protected]