قِبلة الاستثمار

خارج المقصورة

«أن تأتى متأخرا خير من ألا تأتى أبدا» ربما تتماشى هذه الحكمة مع الحراك الحكومى فى استقطاب الاستثمارات الأجنبية المباشرة هذه الأيام، وحالة النشاط الكبير الذى لم يعتده أحد من قبل فى العديد من الحكومات.
فتح السوق المحلى ذراعيه للاستثمارات الأجنبية، بعد مشروع رأس الحكمة، وكأن طاقة القدر فتحت للمناطق السياحية، وأصبحت من الفرص المهمة التى ستكون «وش السعد» على المستثمرين سواء العرب والأجانب.
تغير فلسفة الحكومة فى المشروعات الاستثمارية الكبرى التى تعزز كيان السوق المحلى «قبلة للاستثمار» أمر لم يُرَ منذ سنوات طويلة، وفتح مجال الاستثمارات على ساحل البحر الأحمر، بتكوين مناطق تنمية متكاملة، سواء من خلال حق انتفاع أو شراكات ستكون من العلامات الفارقة فى سجل الحكومة الحالية.
حالة الحراك الاستثمارى دفعت حسن الخطيب وزير الاستثمار خلال المشاركة فى بعثة طرق الأبواب التى تنظمها الجمعية المصرية البريطانية للأعمال بالعاصمة البريطانية لندن إلى أن يستعرض «بقلب جامد» السياسات المتكاملة والواضحة والداعمة للاستثمار خلال السنوات المقبلة، بما يضمن تشجيع تدفقات رؤوس الأموال للاقتصاد المصرى، مع الإجراءات المبسطة فى تأسيس وترخيص الشركات والدعم الكبير للقطاع الخاص الأجنبى والمحلى، وكل ذلك خير.
كل هذه المجهودات جميلة ولا أحد يستطيع أن ينكرها، ويؤكد أنه مهما كانت المنافسة واشتعل الصراع فى دول المنطقة لاستقطاب المزيد من الاستثمارات، وسحب البساط من السوق المحلى، إلا أن المقومات المتوافرة بالسوق المصرى لم ولن تتوافر فى أى بقعة من العالم سوى على الأراضى المصرية.
يظل تحفظى فقط على تدنى الاستثمارات الأجنبية المتدفقة فى السوق الوطنى، بعيدا عن المشروعات الاستثمارية الكبرى سواء مشروع رأس الحكمة أو رأس بناس، فوزير الاستثمار فى حاجة إلى تحركات أكبر، حتى تصبح الاستثمارات الأجنبية المباشرة السنوية تتجاوز 40 مليار دولار، وليس 10 مليارات دولار، وهو يعد رقما هزيلا، مقارنة بما تحقق فى عام 2008 حينما نجح محمود محيى الدين وزير الاستثمار الأسبق فى استقطاب استثمارات سنوية تتجاوز 12 مليار دولار، حققت معدلات نمو تتجاوز 7%، مما دفع الجميع إلى أن يركز على كيف يستفيد المواطن البسيط من ثمار هذا النمو.
على وزير الاستثمار أن يعى ذلك تماما، وأن «يحفر فى الصخر» حتى يصل إلى حجم استثمارات أجنبية كبرى تسجل فى صفحاته، وهذا أمر لن يكون بالأمر السهل، فمعنى عدم وصوله إلى أرقام «تشبع غرور» الاقتصاد الوطنى، فهذا يعنى الفشل، كغيره من مسئولى هيئة الاستثمار الذين لم يقدموا جديدا يضيف للاستثمارات الأجنبية، اللهم سوى أرقام هزيلة «لا تسمن ولا تغنى».
< يا سادة.. ما يحدث من حراك فى الملف الاستثمارى يدعو للفخر، ولكن الاستثمار الوطنى فى حاجة إلى وصول الاستثمارات الأجنبية المباشرة بالسوق لـ40 مليار دولار سنوياً.. فهل وزير الاستثمار يمتلك القدرة على تحقيق ذلك؟