يمكننا إن جاز لنا أن نقدم تعريفا للفكر الواقعى المعاصر بأنه المعايشة للواقع بكل متغيراته ومستجداته معايشة حقيقية عن طريق فهمه فهما صحيحا وتعمقه تعمقا دقيقا واحتوائه بكل ما فيه على ما فيه، لا فهما سحطيا هامشيا، لماذا ؟!.
بغية الانطلاق إلى الأمام، أصحابه استشعروا الخطر الذى يداهمهم، أدركوا أن ثم ثورة علمية تعتمد على المنهجية التجريبة التى قوامها خطوات البحث العلمى المنظم، الذى يحدد الظاهرة محل الدراسة ثم تصنيف هذه الظواهر، وجمع المعلومات عنها، وفرض الفروض والتحقق من صحة الفروض إلى أن نصل إلى القانون العام الذى تبنى عليه دعائم النظرية العلمية التى تثرى واقعنا المعيش.
فالمفكر المعاصر هو الذى يسعى سعيا حثيثا إلى إثبات شخصيته البحثية على كافة المستويات.
المفكر الواقعى نصير الواقعية الحقة هو الذى يكون مهموما بقضايا مجتمعه يمد يده إلى تراث أجداده، ويغوص فى بطون هذا التراث ليوظفه لخدمة واقعه الذى يحياه.
المفكر الواقعى هو الذى لا يتقوقع حول النص ويقول قال فلان، وقال فلان، لا، يقول ها أنا ذا، هذا هو رأيى أقوله فى هذه القضية، قد أخطأ مرات عديدة، وأصحح خطأى مسترشدا مستنيرا بما تعلمته من أساتذتى دونما تقمص وتقليد أعمى لهذا الأستاذ.
المفكر الواقعى هو الذى ينبغى عليه أن يكون متسلحا بأدواته المعرفية التى تقيه من الوقوع فى الزلل والخطأ.
المفكر الواقعى هو الذى يبحث وينقب عن كل ما يفيد حياته ومجتمعه.
إن نهضة الأمة أى أمة لا تكون عن طريق التقليد الأعمى والتبعية، إن نهضة الأمم تبنى وتقوم على عقول مفكريها.
إن النهضة الشاملة والتنمية المستدامة التى هى حديث العصر، لا تتحقق إلا من خلال النظرة المستقبلية واستشراف المستقبل.
وهذا ما يتم الآن فى بلدنا الحبيب مصر ووطننا العربى، الانفتاح على ثقافات الغرب، ليس الغرب وحسب بل كل الثقافات من أجل ماذا؟!، من أجل إتاحة الفرص لبناء دولة مدنية عصرية تواكب التقدم التقنى والعلمى والذكاء الاصطناعى، دونما إفراط بمعنى انغماس كلى فى مادية مسرفة وأنانية مفرطة، ولا تفريط فى قيمنا ومقدراتنا.
وإنما عن طريق وسط عدل محمود لا يحيد ولا يميد عن بغيته وهدفه وهو فك رموز هذه الشفيرة، كيف نحقق المعاصرة دون إهدار لأصالتنا.
أستاذ ورئيس قسم الفلسفة بآداب حلوان