منذ أن اعترف مارك زوكربيرغ، مؤسس منصة فيسبوك، بإذعانه لتوجيهات إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن في ما يتعلق بجائحة كورونا، باتت مصداقيته محط تساؤل. هذا الاعتراف، الذي كشف تعاون بين فيسبوك والحكومة الأمريكية، أثار جدلًا واسعًا حول دور منصات التواصل الاجتماعي في توجيه وتشكيل الرأي العام خلال الأزمات الكبرى. ومع اقتراب الانتخابات الرئاسية الأمريكية لعام 2024، تصاعدت المخاوف من أن تكون تلك المنصات مرة أخرى تحت تأثير قوي من السلطة السياسية.
أنقذوا أميركا
في كتابه الجديد “أنقذوا أميركا”، المقرر صدوره في سبتمبر 2024، وجه الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب تهديدًا صريحًا لزوكربيرغ، متوعدًا إياه بالسجن مدى الحياة في حال تلاعب بنتائج الانتخابات الرئاسية المقبلة. هذا التهديد يأتي في سياق مزاعم ترامب المتكررة بأن زوكربيرغ تآمر ضده خلال الانتخابات الرئاسية السابقة في عام 2020، التي انتهت بفوز جو بايدن. ترامب أكد في كتابه أن زوكربيرغ، رغم لطفه الظاهري خلال لقاءاتهما في البيت الأبيض، كان يخطط دائمًا للإضرار بحملته الانتخابية.
ترامب وزوكربيرغ
يظهر كتاب ترامب صورة للقاء جمعه مع زوكربيرغ وزوجته في البيت الأبيض، ويشير ترامب في الكتاب إلى أن زوكربيرغ كان يتظاهر بالصداقة، بينما كان في الواقع يدير مؤامرة ضده. هذه الاتهامات ليست جديدة، إذ كان ترامب قد هاجم زوكربيرغ مرارًا خلال السنوات الماضية، متهمًا إياه بالتدخل في نتائج الانتخابات الرئاسية من خلال منصات التواصل الاجتماعي التي يديرها.
تصاعدت الانتقادات ضد زوكربيرغ مؤخرًا بعد أن اعترف بأن إدارة بايدن ضغطت على شركته “ميتا” في عام 2021 لإزالة بعض المنشورات المتعلقة بجائحة كورونا. في رسالة وجهها زوكربيرغ إلى رئيس لجنة القضاء بمجلس النواب، أقر بأن شركته تعرضت لضغوط حكومية لفرض رقابة على بعض المحتويات، بما في ذلك التعليقات الساخرة حول الجائحة. هذا الإقرار يعزز الشكوك حول مدى استقلالية منصات التواصل الاجتماعي في مواجهة الضغوط السياسية.
اعتراف مع توضيح
وفي سياق آخر، اعترف زوكربيرغ بخطأ شركته في قمع قصة نشرتها صحيفة نيويورك بوست عام 2020 حول الكمبيوتر المحمول الخاص بهانتر بايدن، نجل الرئيس الحالي. وأشار إلى أن ميتا قد غيرت سياساتها منذ ذلك الحين لتفادي مثل هذه الأخطاء في المستقبل. هذا الاعتراف يأتي في ظل تزايد الانتقادات من الجمهوريين الذين يرون أن منصات التواصل الاجتماعي تميل إلى قمع الأصوات المحافظة.
وعلى الرغم من هذه الانتقادات، أثنى زوكربيرغ مؤخرًا على قوة روح ترامب القتالية، خاصة بعد محاولة اغتياله الفاشلة في يوليو الماضي. زوكربيرغ أشار إلى أن رد فعل ترامب القوي بعد الحادثة كان مؤثرًا للغاية، مؤكدًا في الوقت ذاته على حياد منصته في دعم أي مرشح سواء كان من الديمقراطيين أو الجمهوريين. هذا التصريح يعكس محاولة زوكربيرغ الحفاظ على توازن دقيق في موقفه السياسي وسط انقسامات حادة تشهدها الولايات المتحدة قبل الانتخابات المقبلة.